هواءٌ ونور أو ظلام؛ وذرّات صغيرة هي عالم بذاتها , ودقائق أثيرية إن هي إلاَّ جرائيم الحياة. أما قياس الزمان مجرداً كما هو فأمرٌ مستحيل لأن إدراكنا متناهٍ والزمان غير متناهٍ ,
فضلاً عن أن القياس يستوجب مشابهة حجم إلى حجم من نوع ثان. فكيف نقيس الماضي وهو انقضى ولم يبقى منهُ إلاَّ الذكر - أي أمانة في الحواس - بالمستقبل الذي لا نتلمس خياله إلاَّ في دوائر الرموز والتقادير؟ على أنّا وإن لم نقوَ على قياس الزمان طولاً وعرضاً فتأثيراتنا النفسانية ميزان بخله وكرمه , ولا قيمة إلاَّ بما يورثه إلينا من السعد والشقاء. أرواحنا ملك مشيثته ولا ينفك جائلاً فيها - حتى يرضى. وهل يعرف الزمان معنى الرضي؟ وهناك أقيسة علمية رياضية آلية تترتب عليها حركات الاجتماع وقد اصطلح البشر على استعماله والسير بموجب قواعدها.
منذ فجر الوجود كانت الحوادث الفلكية الطبيعية أساس تقسيم الزمان , وأهم هذه الحوادث لدينا هي دورة الشمس ودورة النجوم. والأوقات في علم الهيئة السماوية ثلاثة: يوم شمسي , ويوم متوسط , ويوم نجميّ. وكلٌّ من هذه الأيام ينقسم إلى أربع وعشرين ساعة , وكل ساعة تتركب من ستين دقيقة كما أن كل دقيقة تتألف من ستين ثانية. فالوقت الشمسيّ يقاس بمرور الشمس تتابعاً في مكان غير ثابت