النفس ورحابة الصدر , والإِقدام والذكاء والهمة العلياء. تاللهِ! إِن من كانت هذه حياته , يحق لأسرتهِ , بل لأمته , أن يعظُم في عينها مماته , فتقدرَهُ حقَّ قدره , وتذرف العبرات على قبره. وهذا ما تفعله اليوم أسرته , وطائفته , وأمته. بل يبكيه وطناه: وطن سلالته , ووطن شأته. فيحقُّ أن
يُقال فيهِ ما قال شوقي في موت أحد نوابغ رجالنا:
حلَّ بالأميتن خطبٌ جليلُ ... رجلٌ مات والرجالُ قليلُ
أيها السادة!
من الصفات الكثيرة التي عُرف بها فقيدنا , يلذُّ لي أن أقف عند اثنتين وهما: نزاهتهُ وهمته اللتان لم يختلف فيهما اثنان. وقد ورث هذه المناقب عن النبعة الكريمة التي يتحدَّر منها , وسهر على هذا الإرث الأدبي الثمين سهرَ الحريص على درهمهِ. فلم يسمح بأن تمتد إليه يدٌ , أو أن تشوبه شائبة. فجمع بين تليد ذووه من قبله. فإن جده الأكبر , شكور كنعان , هاجر من جبل لبنان - وكم أنبت هذا الجبل الأشم من الفروع الكريمة! - وجاء مصر مع أخيه يوسف كنعان شكور. فدخل هذا في خدمةِ الطبيب الذكر الخالدِ الأثرِ , محمد علي باشا الكبير. فعرف ذلك النابغة قدر ابن شكور اللبناني - ومن أعظم مزايا كبار الرجال معرفة قدر الرجال - فدرَّ عليه نعماءه , وولاَّة إدارة دار الضرب , ثم