عهد إليهِ تنظيم جمارك دمياط , ولا تزال آثار همته ونزاهته مدوَّنة في تاريخ مصر. وقد توارث أبناؤه تلك الهمة والنزاهة؛ وياما أجملَ ما تجلتا بهِ في شخص حفيدهِ - فقيدنا , منذ درج من مهده , حتى أُدرج في لحده. فكان هماماً نزيهاً , وهو يوسف شكور التلميذ؛ وكان هماماً نزيهاً , وهو يوسف أفندي شكور الموظف بالمالية؛ وكان هماماً نزيهاً , وهو يوسف بك شكور المراقب في الأموال غير المقرّرة؛ كما عرفه الجميع هماماً نزيهاً وهو يوسف بشا شكور مدير بلدية الإسكندرية؛ كما ظلَّ هماماً نزيهاً في خطبه وكتاباته: خلتان عرف بهما يافعاً وشاباً وكهلاً وشيخاً. وغنيٌّ عن البيان أنّ هاتين الخلتين لا تنتجان إلاَّ عن فضائل جمة مستكنة في الصدر؛ كما أنهما تُنتجان فضائل جمة تتجلى بها النفس: فالنزاهة تفرض الإخلاص وسلامة النية وطهارة الطوية؛ والهمة تفرض الذكاء وعزة النفس والميل الغريزي إلى الأمور السامية. ومن هذه وتلك يتولد شرف المبدأ والترّفعُ عن الدنايا والرمي إلى عظائم المقاصد. وقد برهن فقيدنا الكريم على ذلك في كل طورٍ من أطوار حياته وشهد له بذلك كلُّ من عرفه من رئيس ومرؤوس. ففي مدرسة ليون الكبرى , حيث تلقي دروسه , كان آيةً في الذكاء والاجتهاد , حتى بزَّ أقرانه , ونال قصبات السبق في لغة الأجانب على أبناءِ تلك اللغة , فعاد مكللاً بأكاليل الغار , حاملاً شهادة البكالوريا العلمية. وفي نظارة
المالية , أظهر من المقدرة على العمل والدراية في الأمور ما لفت غليهِ نظر رؤسائهِ , ففتحوا له باب التقدم سريعاً. فولجه , وهو