للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نَزقاً بينَهنَّ غرّاً لعوباً ... لاهياً عن تبصُّرٍ واعتبارِ

مستقلاً عظيمها مستخفّاً ... ما بها مِن مهابة ووقارِ

نتبارى عَدْواً كأنا فراشا ... روضة ما لنا من استقرارِ

ثم بعد أن كبر وخاض معترك هذه الحياة نلقاه:

في هجرةٍ لا أنسَ فيها ... للغريب ولا صفاء

تتقاذفُ الآفاقُ بي ... قَذْف العواصف للهباء

وتُحيطُ ب يلججُ الصروف ... فمن بلاءِ في بلاء

وهكذا يمكننا أن ندرس حياة خليل شطراً شطراً , من مطالعة ديوانه سطراً سطراً. قلنا أنه عاش بين جمال الطبيعة ومظالم البشر؛ وهذا ما قوَّي فيهِ الخيال والشعور. ومعروفٌ أن هاتين القوّتين هما جناحا الشاعر يحلّق بهما إلى أعلى سماء الشعر؛ ويأمن تهشمهما إذا كان العقل رائدهُ في حياته العلوية. وقد قال في مقدَّمة ديوانهِ إنّ شعره هو شعر الحياة والحقيقة والخيال أي أنَّ الذي أوحاهُ هو الحسُّ والعقل والمخيَّلة. وهذا هو التقسيم الذي نتبعه في درس شعره:

١ - الخيال:

هو أقوى قوانا العقلية لأنه وحده القوة الفاعلة الموجدة , وسائر القوى , كالحس والحافظة والعقل , ليست إلا قوى مفعولة تتأثر وتعمل بما يطرأ عليها. وإذا كان الشعر كما حدَّه مرمونتل صورة تتكلم أو كلاماً

<<  <  ج: ص:  >  >>