وراعَهَمُ ذانك التوأمان ... وطوقاهما من دم الأكبدِ
ورثبُهما عند ما أُطلقا ... إلى ظاهر الدرع والمجسدِ
كوثبِ صَغار المها الظامئاتِ ... نفرْنَ خفاقاً إلى موردٍ
ويطول بنا المقال لو جئنا على ذكر كل ما توحي المخيلة إلى شاعرنا من لطائف الابتكار. وله قصيدة شهيرة في وصف بعلبك هي مجمع الصوَر وملعب الخيال. وقد جعلتهُ بحقٍّ يسمى شاعر بعلبك والأهرام وبالإجمال فإن خيال خليل يزين ويحسن ويحلي كل ما تقع
عليهِ أبصاره , فيحقُّ له أن يقولَ كما قال لعروس شعره:
وأبدلُ نور الشمس ما شاءتِ المنى ... عقيقاً وتبراً ساكباً ونضارا
وأصنعُ نوطاً باهراً من هلالها ... وأنسج من غزل الضياء دثارا
وهذا الذي وضع خليل في مقدمة شعراء الطبقة الأولى في الوصف. أما في الشعر القصصي والخطة التي اختطها للنظم العربي في هذا الباب , فاقرأوا عين الأم ونابوليون الأول وليمون يوسف أفندي وحكاية شاعر وشهيد المرؤة والعصفور والعقاب ومقتل بزرجمهر والطفلة البويرية وحكاية عاشقين والجنين الشهيد الخ تروا المقام المرء شاعراً. إذ يكون نظمهُ والحالة هذه بارداً جامداً , نرتاح إليهِ ونجد فيهِ بعض البهجة , لكنهُ لا يحرّك فينا ساكناً ,. ولا يثير شعوراً كامناً , كما نرى ذلك في شعراء الوصف؛ فإن هناك ركناً آخر يقوم عليهِ بيت الشعر وهو الحس أو الشعور.