تحمل زهراً وهذا ايضاً ما أراده خليل , لما قال إن شعره شعر خيال وحياة وحقيقة. فهو الشاعر الفيلسوف الذي يمعن النظر في حوادث هذا الكون وعللها ومعلولاتها , ويستنتج منها العبَر والحكم. وفي شعر خليل الشيء الكثير من هذا القبيل. شهد الفيلسوف جول سيمون احتفالاً أُقيم إكراماً لنابليون الثالث , فنظر إلى الشعب المتجمهر الهاتف هتاف النصر نظرة غضب وازدراء , وقال لمن حوله هكذا يخلقون الظُلاَّم. . .! هذا ما قاله الفيلسوف الإفرنجي , فإليكم ما قاله شاعرنا العربي
عن كسرى وقومه:
هم حكّموهُ فاستبدَّ تحكُّماً ... وهمُ أرادوا ان يصولَ فصالا
والجهلُ داءٌ قد تقادمَ عهدهُ ... في العالمينَ ولا يَزالُ عضالا
لولا الجهالةُ لم يكونوا كلُّهم ... إلاّ خلائقَ أخوةً أمثالا
فهذه أبيات كلها حكمة وفلسفة اجتماعية. ولا يشنّ شاعرنا الغارة على السلطة بل يريدها مبنيةً على العقل والتروي , ألا وهو القائل والحكم أعدلُ ما يكون جدالا ولكن هو الاستبداد يملي عليهِ مثل هذه الأبيات:
نعم هي دارٌ للملوكِ عتيقةٌ ... ولكن غَدَتْ للفحش داراً وبئسما
بناءٌ بمالِ الناسِ جبايةً ... ولو ذوّبوا تذهيبهُ لجرى دما