عظيمة , وقل لي بعيشك ما أكثر العجز والاحتياج في هذه الحياة؛ بل قل لي أي الناس شيء من العجز وشيء من الاحتياج؟ هبك مليكاً , ألا ترى أنك عاجز عن كثير , ومحتاج إلى كثير؟ فماذا يخامر قلبك كلما وجد طعم العجز , وماذا تجده نفسك كلما ذاقت الاحتياج , وما هذا الدنيا التي لم يسلم من آلامها صغير ولا كبير , ولا جليل ولا حقير , ومتى يكون خيرها أكثر من شرّها إذا كان هذا شأنها من ادّخار الآلام لكل ذي روح على اختلافٍ وتفاوتٍ بينهم في المقادير فقط؟؟ ويقول مغلّبو الخير: لقد جعل الفاطر لنا البصرَ لنرى بهِ كلّ محسوس , وأكرمنا بالبصيرة لنطّلع بها على ما وراءَ المرئي , وقد ملأ السمواتِ والأرض بما لا يُعدُّ ولا يحدُّ مما يبهج النفوس ويسرُّها , فلماذا تعمى الأبصار والبصائر عنها كلها , ولا ترى إلاَّ الأمراض وآثارها؟ أفننسى نِعَم الشمس , أم آلاء الأرض؛ أتسخير البحر ننسى أم استخدم البرّ , أنغفل عما يُفيضهُ التعاون البشريُّ العام من بركات العقول , وثمرات الهمم والنفوس , أم عما توحيه الفطرة الإنسانية من تعاطف القلوب , وما تؤتيه من لذيذ العلاقة بين المحبّ والمحبوب؟ يا للعجب كيف تقعُ الأبصار على بعض الأقذاء , وتعجز عن أن تسمحها بالتقانة إلى روضة فيها. أطيبُ الأقوات للسمع والشم والبصر؟ أين ذهب عن الأبصار جمال هذه القبة الزرقاء وقد طرحت عنها جلبابَ الغيوم , وحسرت لئام الدجون , فأشرق محيَّاها , فقابلته الأرض راقصةً تترنَّح أعطافها الأغصان , وتصفّق أكفّها النسائم , وأين ذهب عن البصائر جمال الحيّ