سبب كان. ثم ذلك الموج يتأدّى إلى الهواء الراكد في الصماخ فيموّجه فتحسّ به العصبة لمفروشة في سطحه. والذي يُشترط فيهِ من أمر القرع عساه أن لا يكون سبباً كليّاً للصوت , بل كأنهُ سببٌ أكثريّ؛ ثم إن كان سبباً كليّاً فهو سبب بعيدٌ , ليس السببَ الملاحق لوجود الصوت , والدليل على أن القرع ليس سبباً كليّاً للصوت أن الصوت قد يحث أيضاً عن مقابل القرع وهو القلع.
فإذن العلة القريبة - كما أظن - هو التموّج
فالتموّج نفسهُ - كما يقول ابن سينا - هو الذي يفعل الصوت
وأما حال التموّج من جهة الهيئات التي تستفيدها من المخارج والمحابس في مسلكه فتفعل الحروف.
وتعريف الحرف في كتاب ابن سينا هو هيئة للصوت عارضة لهُ يتميز بها عن صوت آخر مثله في الحدّة والثقل تميزاً في المسموع
والحروف بعضها - من حيث الصوت - مفردة؛ وبعضها مركبة. فالمفردة تحدث عن
حبسات تامة للصوت - أو للهواء الفاعل للصوت - تثبعها أطلاقات دفعة , والمركبة تحدث عن حبسات غير تامة لكن تتبعها أطلاقات. والمفردة تشترك في أن وجودها وحدوثها في الآن الفاصل بين زمان الحبس وزمان الإطلاق , وذلك أن زمان الحبس التام لا يمكن أن يحس فيه بصوتٍ حادث عن الهواء وهو مستكن بالحبس , وزمان الإطلاق لا يحس فيه بشيء من هذه الحروف لأنها لا تمتد في الزمان الذي لا يجتمع فيه الحبس مع الإطلاق.
ويقول ابن سينا في تشريح الحنجرة أنها مركبة من غضاريف ثلاثة:
١ - الغضروف الدرقي , وهو موضوع إلى قدّام ويناله الحبس في المهازيل