للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

غير وادي النيل , أو أن تطلبَ اللقاء بخلاَّنٍ غير الذين عاشرتهم كل هذا العمر الطويل. فسواءٌ جرت سفينة الأرزاق بما تشتهي نفسي وتتمنى جوارحي , أو سارت الأقدار بي في سبيل آخر , فلأذكرنَّ عهد الولاء إلى آخرِ العمر. والهُ يفعل بعباده ما يشاء. ولقد ساءَني أناسٌ مدةَ هذه السنين وساءَ ظنهم بي فكانوا يتهموني في أوَّ الأمر بخيانة الدولةِ وعداءِ السلطان؛ ثم رجعوا إلى رأيي بعد أن طال عهد

الجفاء. واتهموني بعد ذلك بمصانعة الدولة الانكليزية لأنتفعَ بأموالها؛ ثم ظهر أن التهمةَ أبعد عن الصدق مما بين القطبين. وقالوا أني كنتُ مفرّقاً بين طوائفِ المصريين , فثبت نقيضُ الذي قالوا بعد أن تغيرت بعضُ الخواطر على حين. وقد مضى الآن زمان هذه المزاعم ومضى تأثيرها , فكان على الجملة كما أتمنى , وبقيَ في الأذهان عامةً حقيقة أعدُّها أثمنَ من المال المكنوز؛ ألا وهي أنني خدمت الحقَّ في كل حياتي الصحافية خدمةَ الذي يقدِّم الحقَّ على كل مصلحة أو شأن. وعرفتُ بالصدق لا يختلفُ ضميري عن لساني , ولا تخون نفسي الحقّ في حال من الأحوال. هذا هو فخري وهذا جزائي من الناس بعد الاشتغالِ عشرين سنة بالكتابة والتحرير؛ ونعم الجزاءُ ونعم الأجرُ الكبير وليس يؤخذُ مما تقدَّم أنني العصمةَ والكمال؛ بل إن خطتي كانت خطةَ الصراحة والصدق. فسواء صدقت آرائي في هذه المسائل العديدة التي كتبتُ فيها أو أخطأت , فإنَّ القولَ كان صادراً عن اعتقاد بصحته , وعن عزم على إيراد الحقيقة وإهمال كل مصلحة يفيد فيها

<<  <  ج: ص:  >  >>