متى خيّم الليل ونام الخواجا فرج الله. وكانت الخادمة تنقل رسائله على سيدتها وتحمل أجوبتها إليه؛ قالت وأن آخر رسالة جاءت بها منه كانت في نفس الليلة التي ارتكبت فيها الجناية وقد ناوَلها إياها بيدٍ مرتجفة وفي نظراتهِ معنى الاضطراب والغضب. . . وعثر وكيل النيابة على تلك الرسالة تحت وسادة أدماء فإذا هي هذه:
وعدتِ ثم أخلفتِ. ويلٌ لكِ يا ظالمة! أعقبي حبّنا إن تكوني زوجةً لسواي؟ تالله لن يكون ذلك أبداً. ليس والدك الذي ارادو بل أنتِ التي اثرتِ ابن عمك عليَّ. كذبتِ في غرامكِ , كما كذبتِ في عهودكِ. أمَّا أنا فلن أكذب في عزمي. آليتُ ألاَّ يسعد ابن عمَّكِ بك , وأشقى أنا بدونك. الويل لي إذا كان المأتم غداً بدلاً من العرس!!
فؤاد
ثمَّ طرق رججال البوليس منزل فؤاد اليافي وقد اقتنع وكيل النيابة كلّ الاقتناع بأنَّ فؤاداً هو الجاني لا غيره , وبأن الذي دفعه إلى ارتكاب الجريمة إنما هو الغيرة والغرور. ومما أيَّدَ هذا الاقتناع أن فؤاداً لم يبت ليلتهُ كلَّها في منزلهِ؛ فقد جاء في نحو الساعة السابعة مساءًو وخلا بنفسهِ في غرفتهِ الخاصة دون أن يتناول طعام العشاء. ولما افتقدَه أهله في الصباح لم يجدوه , ولكنهم وجدوا رسالة منهُ على مكتبهِ. فأنَرَ وكيل النيابة بها فإذا فيها ما يأتي:
إلى والديَّ العزيزين
ليس في استطاعتي أن أشهد غداً عرس جارتنا أدماء لأن الغيرة تأكل قلبي. لذلك أنا ذاهبٌ اسلاعةَ إلى حيث لا أدري. ومتى شفِيَت نفسي من آلامها عدتُ إليكما. ساِمحا زلَّتي , وترقَّبا أخباري.
فؤاد
ودقَّقت النيابة في استجاء حقيقة العلاقات بين فؤاد وأدماء , فوقعت على رسائل كثيرة في حوزة الفتاة أزالت كلَّ شبهة عن غرام فؤادٍ وغبرته. واتصلت بها من شهودٍ كثيرين أمور تافهة في حدّ ذاتها , ولكنها إذا أضيفت إلى مجمل القرائن