للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تلقي بهِ أحنفَ الأخلاقِ مُنتدياً ... وفي الكريهةِ عَمْراً وابنَ شدَّادِ

أخي وداداً وحسبي أَنهُ نَسَبٌ ... خالي الصحيفةِ من غِلٍّ وأحقادِ

أفادني أدباً من منطقٍ شهِدَتْ ... بفضلِهِ الناسُ من قارٍ ومن بادٍ

عذبُ الشريعةِ لو أن السَّحابَ همي ... بمثلهِ لم يَدّعْ في الأرضِ من صادِ

سرت بقلبيَ منهُ نَشوةٌ مَلكتْ ... بحُسنِها مِسمَعي عن نغمةِ الشادي

يا ابنَ الكرامِ , عدتْني منكَ عاديةٌ ... كادتْ تسدُّ على عيني بأَسدادِ

فاعذرْ أخاك , فلولا ما بهِ لجرى ... في حلبة الشكر جريَ السابق العادي

وهاكَها تحفةً مني , وإِن صغرتْ , ... فالدرُّ وهو صغيرٌ حليُ أجيادِ

فأجابه الأمير شكيب:

هل تعلمُ العيسُ إِذ يحدو بها الحادي ... أنَّ السُّرى فوقَ أضلاعٍ وأكيادِ

وهل ظعائنُ ذاك الرَّكبِ عالمةٌ ... أنَّ النوى بينَ أرواحٍ وأجسادِ

تحمَّلوا , ففؤادي منذُ بينِهمِ ... في إِثرِهم نِضوُ تأويبٍ وأِسادِ

يرتادُ منزلَهم في كلِّ قاصيةٍ ... وحَجْبُهُ , لو دَرى , أحرى بمُرتادِ

بين الجوانحِ ما لو أنتَ جائبُهُ ... أغناكَ عن لفِّ أغوارٍ بإنجادِ

وفي الفؤادِ , كشطرِ الكفِّ , باديةٌ ... في جنبِها تيهُ موسى ليس بالبادي

كم بتُّ أُنشدُ أحبابي وأَنشدُهم ... في الهندِ , يا شدَّما أبعدتُ أِنشادري

ولو أُناجي ضميري كنتُ مُستمِعَهم ... قَولي كأَنَّهمُ في الغيبِ أشهادي

مَنْ كانَ دونَ مرامي العيس منزعُهُ ... فلب هوىً دون أمواجٍ وأزبادِ

دون الخضارمِ إن ضلَّ الحبيبُ سُرىً ... فإِنَّ وجديَ نعمَ القائفُ الهادي

هوَى بأروَعَ , لو أنَّ الزمانَ درى ... لما أحلَّ سواهُ الصدرَ بالنادي

سامي الأرومة في أعراقهِ نَسَبٌ ... في المجدِ لا يشتكي من ضعفِ إِسنادِ

أرقُّ من شمأَلِ الوادي شمائلُهُ ... وعندَ شدِّ الليالي صخرةُ الوادي

من مَعشرٍ لو يَقيسُ الناسُ شأوَهمُ ... إلى العُلى افتقروا فيهِ لأرصادِ

يا مَنْ لنا ردُّهُ من فائتٍ عِوَضٌ ... يُمحَى بهَ وِزرُ أحقابٍ وآمادِ

إِن يحجبوكَ فما ضرَّ النجومَ دجىً ... ولا زري الشيفَ يوماً طيُّ أغمادِ

لا بأسَ إِن طالَ نجزُ السعدِ موعدَهُ ... فأعذبُ الماءِ شُرباً في فمِ الصادي

عسى لياليكَ قد سُلَّتْ ضغينتُها ... وقد صَفتْ كأسُها من سؤرِ أحقادِ

واستأنفَ الدهرُ سِلماً لا يكدِّرُها ... فالدهرُ قد يرتدي حالاتِ أَضدادِ

لو كان يُسعِدُ قومٌ قدرَ فضلِهمِ ... ما لاقَ مثلكَ أن يحظى بإسعادِ

وكتب محمود سامي إلى الأمير من جزيرة سيلان:

ردِّي التحيَّة يا مَهاةَ الأجرَعِ ... وصِلي بحَبلكِ حَبلَ مَنْ لم يَقطعِ

وترفَّقي بمتيّمٍ عَلٍقَتْ بهِ ... نارُ الصبابة فهوَ ذاكي الأَضلُعِ

طَرِبِ الفؤادِ يكادُ يحملُهُ الهوى ... شوقاً إليكِ مع البُروقِ اللمَّعِ

لا يستنيمُ إلى العزاءِ , ولا يَرى ... حَقّاً لصَبوتهِ إذا لم يَجزَعِ

ضَمنَت جوانحُهُ إِليكِ رسالةً ... عنوانُها في الخدِّ حمرُ الأَدمُعِ

فمتى يَبوحُ بما أجنَّ ضميرُهُ ... إن كنتِ عنهُ بنجوةٍ لم تَسمعي

أصبحتُ بعدكِ في دياجرِ غُربةٍ ... ما للصبَّاحِ بليلِها من مَطلعِ

لا يهتدي فيها لرحليَ طارِقٌ ... إِلاَّ بأنَّةِ قلبيَ المتوجِّعِ

<<  <  ج: ص:  >  >>