بشعر له نوطة في القلب، وعلوق بالنفس، بود درك للحاجة، يدق معناه، ويلطف مبناه، وتعطف حواشيه، وتنير معانيه. كأنه إشراك القلوب، إذا بسط لها ترتمي عليه ولا تنفلت منه. . .
ألا أن لنا من كنوز آبائنا العرب الغطاريف حلياً أو لبسناها خالصة من الصدأ لبهرت لها عيون المتمدنين؛ وسلاحاً لو جردناه مشحوذ الغرار، لاستسلم له كل عاتٍ عنيد. ولكنا قصرنا وعجزنا حقبة من الدهر عن أن نزدان أمام العالم المتمدن بذياك الحلي الباهر. فقال الجاهلون مزدرين: عرب هؤلاء وما هي قيمة العرب؟ ولغة هي العربية؛ وأين هي من سامي اللغات ورقيقها؟؟
ولكنا قد أفقنا اليوم من السبات، وعرفنا قيمة ما بقي من تراثنا ولم تلعب به يد الشتات، فأبرز مردروس ألف ليلة وليلة للعالم الأوروبي بوشاح إفرنجي، فغض الروائيون أبصارهم حياء لسناها وبهائها. وأبرز آخر شعر حسن بن الخيام بثوب إنكليزي فتعشقه بعضهم حتى العبادة. وألبس الريحاني رباعيات أبي العلاء رداء سكسونياً، فكبروا له وهللوا، وسبحوا وحمدلوا، واليوم أنزل غانم إلى باريس عنترة البطل المغوار وعبلة الحسناء. فجاءتنا
صحفهم تري بطل العرب بل آداب العرب وتقاليدهم.
فالريحاني ومردروس وغانم وأضرابهم وأمثالهم هم اليوم أبطال العرب، يفتحون بعقول أجدادهم بلاد الغرب للشرق. ويعلون مقام أمتهم في العالم المتمدن. فإذا كثر عديد هؤلاء الأبطال. رد إلى العرب شرفهم الذي ابتذل بالضعف والضياع. ومجدهم الذي دفن مع ملكهم وألحد مع