قروح القلب، شاعر الشبيبة في كل آن ومكان ألفرد ده موسه من لا يعرفه ولو بالاسم على الأقل؟
ولد ألفرد ده موسه في باريس سنة ١٨١٠ وتلقن دروسه في مدرسة هنري الرابع حيث امتاز على سائر أترابه بحدة ذكائه وقوة شاعريته. وبعد خروجه من المدرسة اخذ يدرس الشريعة ثم الطب. لكن مشاكلات المهنة الأولى والمنافرات التي لابد منها فيها، وشناعة التشريح وكراهته في المهنة الثانية أحدثت نفوراً في روحه الشديدة التأثر فعدل عنهما، وصار يمضي أكثر أوقاته في جنائن باريس وضواحيها حيث يختلي بذاته ويطلق العنان لتأملاته ويهيم ساعات طويلة في عالم الخيالات والأحلام.
وكان إذ ذاك فريق من الأدباء والشعراء الإفرنسيين قد ألفوا جمعية دعوها سناكل الغرض منها العمل على ترقية الشعر وتسهيل بعض الصعوبات التي تقيد فكر الناظم وتحدد حرية قلمه. وكان شاعر فرنسا الكبير فكتور هوغو رئيس تلك الجمعية. فدخلها موسه ولاقى فيها ما تتوق إليه نفسه من التحكك بمثل هذه النفوس السامية، والعقول الراقية، والقلوب الرقيقة. لاقى شعراء مثله، وذكاء مثل ذكائه. ومحاورات أدبية فنية مفيدة، وأصدقاء يفهمون طبيعته وأخلاقه ويقدرونها حق قدرها، بالنسبة لاشتباك مجانسات تخيلاتهم ومطالبهم. ولا شيء في الدنيا يشبه الروح الذكية أكثر من روح أخرى ذكية، والعكس بالعكس.
دخل موسه في جمعية كان هو أصغر أعضائها سناً، إذ لم يكن له من العمر سوى ثماني