الديك: لا ليس ذلك ما أبحث عنه. وإذا وجدت عرضاً في حين من الأحيان شيئاً من الحب فإني أدعه لدجاجاتي.
الدجاجة: وعم تفتش إذن وأنت تبحث في الأرض. .؟
الديك: أفتش عن مكان أنشب فيه لأصيح، ولا أصيح إلا متى تمكنت أظافري في الأرض بعد تقليه العشب وإبعاد الحصى. وعند ما تخالط نفسي الأرض الطيبة أغني وأنشد. وهذا بعض سر صياحي. وهو لا يشبه الغاني التي تنشد بعد التفتيش عنها ولكنه يصعد من الأرض إلي كما تصعد المادة الحيوية إلى الشجرة. ويكون ذلك خصوصاً عندما يقف الفجر متردداً على طرف السماء القاتمة فتتكلم الأرض فيّ ولا أبقى في تلك الساعة طائراً أياً كان. بل أصير النفير الذي ينطلق منه صوت الأرض إلى السماء. وهذا الصراخ الذي ينبعث من الأرض هو صراخ الشوق إلى النور، هو هتاف الحب الشديد الهائل نحو ذاك الكائن الذهبي الذي نسميه للنهار وهو ما تتوق إليه كل الكائنات. وهو هتاف الرجاء الذي يبعثه الحقل لمبتل طالباً قوس قزح لكل بقعة خضراء، والغابة راجيةً نوراً لكل منعطف
مظلم فيها.
هذا الهتاف الذي يمر بي ليصعد إلى السماء الزرقاء هو هتاف كل ما يشعر أنه في هاوية وقد غضبت عليه الشمس دون أن يعرف السبب. هو هتاف الوردة الواجفة وحدها في الظلام، هو هتاف الهشيم الذي يريد أن ينشف لينقل إلى الرحى، هو هتاف الأدوات وقد تركها الحاصد في الخلاء