خافق ونفسه جازعة علم أن حبيبته قد زفت إلى سواه فاسودت الدنيا بعينه ويئس من الحياة وعزم على الانتحار - وهو خاتمة الغرام - إلا أنه خطر على باله أن يرى حبيبته قبل الموت للمرة الأخيرة. انتظر ألفرد حتى أسدل الليل على المدينة سدوله وانسل تحت جنحه إلى منزل حبيبته وتوصل إلى غرفة نومها فاختبأ تحت السرير حتى خلت إليه فنزعت ثيابها ونامت وهي لا تشعر أن في الغرفة روحاً جاءت تودعها قبيل احتجابها في الأثير. . .
نامت فحلمت كأنها بالقرب من حبيبها ألفرد فطاب لها الحلم فكشف در ثناياها ابتسام خفيف. . . وكان ألفرد قد انساب في تلك الأثناء إلى سريرها فشعرت بحر أنفاسه فأفاقت وهي تحسب نفسها حالمة فإذا بها تضاجع رجلاً ليس بزوجها فهمت بأن تصرخ فضغط الفتى على يدها متمتماً: لا لا تجزعي. . . أنا ألفرد. . .
دهشت ماري وغسلها العرق البارد وهي لا تدري إذا كانت لا تزال حالمة حلمها اللطيف أو هي في الحقيقة تلمس حبيبها القديم. . . وما عتمت أن عادت إلى هداها فتحققت أن رفيق الصبا في جنبها فخافت كثيراً وقالت له: بالله عليه قم واذهب فزوجي في الغرفة معي وأنت تكاد تفضحني. . . فقال لها: لا تخافي. . . ما أتيت أفعل منكراً. أنت زففت إلى غيري فلتكن حياتك سعيدة، أما أنا فلم يبق لي مطمع في الحياة. . . دعيني أنام بقربك كما ينام الملك قرب الملك أو الأخ قرب الأخت فأحيا دقيقة وبعدها أموت غير آسف على الدنيا. . .
فحنت عليه ورق له قلبها وقالت: لك ما طلبت. . . فنام الفتى بقربها وقد تجسمت له السعادة فغاب فيها. . . أما هي فقد استغربت من حبيبها هذا الهدوء وما عهدها بالحب يبقي على العقل فأخذت يده يدها فوجدتها مجلدة فحسبت أن الغرام جلدها. . فنادته همساً: ألفرد! ألفرد!. . . فخافت وخامرتها الشكوك. . . فحاولت إنهاض رأسه فوجدته بارداً فحركت جسمه فانقلب كالعود، ففهمت وبهتت