منها إلا ذكرى تتضاءل بمرور الأيام. أيعود الماضي فيبعث لنا من أكفانه أماني دفناها فيه؟ أيعود فيحيي لنا آمالاً كانت تظللنا بأجنحتها الذهبية؟ هوذا الآن قد انطوت تلك الأجنحة واستراح الرقباء الذين لم يكونوا يغمضون عنا أجفانهم حتى بلغوا من أمانيهم أن فرقوا بيننا فلا يعلم أحدنا بمقر الآخر.
بل إن مقرك في فؤادي يا رالف. وإنما فقدت فؤادي ففقدتك معه. وقد كنت أظللك بأجنحة الحب وأرسل عليك أشعة الحب وأسمعك أناشيد الحب فلم يبق اليوم من تلك الأجنحة إلا سحابة زائلة ومن تلك الأشعة إلا نور ضئيل ومن تلك الأناشيد إلا خفوق قلب منكسر.
قضيت أشهر الصيف متقلبة على سرير المرض. وأنا الآن في طور النقه. يقولون لي إنني كنت أردد اسمك في ساعات غيبوبتي وأذكر أيامنا الماضية. أما أنا فلا أتذكر من ذلك سوى أنني كنت كلما سمعت صوتاً بباب غرفتي ألتفت لأرى هل أنت الداخل أم غيرك.
كنت في أثناء مرضي أتعزى بفكر غريب. كنت أعلل نفسي بالموت وأتمنى أن أنتقل إلى عالم الأرواح لكي تحلق روحي في فضاء الأبدية فترفرف حولك وترقبك من علوها الشاهق. ولكن فكراً آخر كان يروعني فقد كنت أخشى أن يزيد موتي في حزنك فلا تعود
ترى لذة في الحياة. ولكن من يعلم؟ لعل حبي لك غير حبك لي يا رالف. أنا أعلم أنك تفضلني في كل شيء. فأنت أشرف مني أصلاً وأغنى ثروة وأجمل طلعة وأوسع جاهاً وأكثر ذكاء. أنت تفوقني في كل شيء. ولكن