للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حباً جماً ولعل هذا معنى الابتسامة التي لا تفارق ثغر الاثنين: ابتسامة عطف ورحمة

بعض أحلام المنفلوطي حقائق، وبعض حقائق الريحاني أحلام، ولقد تؤلمنا هذه وتلك أحياناً. . . ويكاد يصح فيهما مع بعض الاستدراك ما قيل قدماً عن راسين وكورنيل: يصفنا الأول كما نحن، ويصورنا الثاني كما يجب أن نكون. فلهذا نعجب بالأول لأنه عرفنا حق المعرفة، ونحب الثاني لأنه يحسن الظن بنا. . . وقلم هذا وذاك.

هو جسر تمشي القلوب عليه ... لتلاقي بين القلوب قرارا

* * *

ألبس المنفلوطي معانيه حلة قشيبة فاختالت فيها تيهاً وفخراً، وباهت بها الحاليات من معاني الأقدمين والمحدثين نثراً وشعراً، وكسا الريحاني أفكاره ثوباً بسيطاً ساذجاً نسجه من خيوط الشمس ولونه بألوان الحقول بكل دقة واعتناء، فرات العين في الحلة المنفلوطية ما يبهجها، وشامت في الثوب الريحاني ما يؤنسها. ومن القرويات من تضاهي الأميرات حسناً وجمالاً. . . درس صاحب الريحانيات لغات الأجانب وعرف كيف يستمد منها ما يناجي به النفس، واكتفى صاحب النظرات بلغة أجداده فتمكن أن يستخرج من أسرارها ما يناغي به الروح ولو بالهمس.

لقيت السيد المنفلوطي منذ بضعة أيام وفي يدي الريحانيات فقال: ما بيدك؟ - فقلت: شقيقة النظرات ودفعت إليه الكتاب فأعاده إلي ثاني يوم وقد كتب في أول صفحة منه:

<<  <  ج: ص:  >  >>