للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

معاً. وهي منة له علي لن أنساها أبد الدهر. ثم صعدنا إلى التلة الصغيرة فأشرفنا منها على العسكريين وقد التقيا وجهاً لوجه. ولم تكن إلا دقائق قليلة حتى شبت بينهما نيران معركة طاحنة. وكنا نسمع في الوقت نفسه دوي البارود، ونرى تفجر القنابل من الجانب الآخر حيث كان قد سار خيري باشا برجاله.

ولما طال أمد المعركة وقد صمت آذاننا، وغشا الدخان عيوننا أبصرنا فريقاً من المشاة العثمانيين هاجماً على قلب العسكر اليوناني وقد أخذ اليونانيون يصوبون رصاصهم عليه وهو سائر غير مكترث. فما هي إلا هنيهة حتى تزحزح اليونان عن مراكزهم وارتدوا إلى الوراء. وكانت طلقات البنادق المتواصلة حينئذ أشبه بقرقعة الآلة الكاتبة تكتب عليها يد خفيفة رشيقة.

وحدقنا بأبصارنا إلى جهة اليونانيين فرأينا إحدى الفرق قد غادرت مركزها في القلب حيث هجم العثمانيون وولت الأدبار منهزمة إلى جهة دوموكوس. ولكن ضابطاً يونانياً خف إليها فردها إلى مواقفها.

أما فرقة الحاج خيري باشا فإننا لم نرها ولم نعرف أخبارها إلا حين صرنا نرى اليونانيين يفرون من قدامها إلى الجانب الأيسر المحاذي للتل الذي كنا واقفين عليه. فتحققنا حينئذ أن النصر تم أو كاد يتم للعثمانيين.

وفي تلك الساعة وصلت إلى ساحة القتال فرقتان لإنجاد العثمانيين أرسلهما أدهم باشا فانضمتا إلى خيري باشا وعززتا موقفه.

وأبصرت أدهم باشا حينئذ راكباً جواداً صغيراً هزيلاً وهو رجل

<<  <  ج: ص:  >  >>