الإطلاع عليه كل متصدر للبحث والكتابة في الشؤون العربية والإسلامية على الإطلاق. وهو سفر مختصر بحث فيه عن ماضي الإسلام وحاضره من أوجه الدين والأمة والدولة جميعاً بحثاً دقيقاً متحاشياً فيه ذكر كل ما يحرج الإحساسات، ومقتصراً على إيراد الحقائق وإرداف النتائج بأسبابها.
وقد طلبت إليه أن يتحف الزهور برسمه الكري وبنفثة من يراعه العربي، فتفضل بقبول متمناي وبعث إلي إلى لندن بالرسم وقد وقع اسمع عليه بيده، وبالجملة التالية وقد كتبها بقلمه البليغ.
وديع البستاني
مذهب المستشرقين
ذكر صاحب الفخري في أخبار أمير المؤمنين عبد الملك أن مذهب المستعربين اخترع في عصره وهو يريد بهم رجالاً من الجانب اتخذوا اللغة العربية لغة وتزيوا بآداب العرب. قياساً على تلك الكلمة وضع في أيامنا اسم المستشرقين تسمية لمن ينتمي إلى علوم الشرق من أهل الغرب لا كالذين يشير إليهم المتنبي بقوله:
وقد يتزيا بالهوى غير أهله ... ويستصحب الإنسان من لا يلائمه
فإن فيهم أناساً لا يطعن في أهليتهم، وإنما تركوا جادة طريقة أصحابهم لأسباب نريد أن نبينها لمن ذهبت عنه أو خفيت عليه. فأول داعية دعت قوماً من علماء الإفرنج إلى اكتساب العلوم الشرقية هي الديانة. فإن التوراة أساس أسس عليه الدين المسيحي ولغتها الأصلية عبرانية تختص باليهود الذين مع حفظهم لكتابهم المقدس وتعبدهم بفروضه