لحاك الله ثمّ لحاك حقّا ... أبا ولحاك من عمّ وخال (١)
فبئس الشيخ أنت لدى المخازي ... وبئس الشيخ أنت لدى المعالي
جمعت اللؤم لا حيّاك ربي ... وأبواب السّفاهة والضّلال
وقد تقدّم هجو نفسه وأمه.
وممن هجا أباه وغيره عليّ بن بسام، وما سلم من هجائه أمير ولا وزير، ولا كبير ولا صغير، ومما قال في أبيه: [الخفيف]
هبك عمّرت عمر عشرين نسرا ... أترى أنني أموت وتبقى!
فلئن عشت بعد موتك يوما ... لأشقن جيب مالك شقا
وقال فيه أيضا: [الطويل]
بعثت لأستهديك عيرا ولم أكن ... علمت بأنّ العير صرلنا صهرا
فوجّه به كي نشترك في ركوبه ... فتركبه بطنا وأركبه ظهرا
وقال فيه أيضا: [الرمل]
شدت دارا خلتها مكرّمة ... سلّط الله عليها الغرقا
وأرانيك صريعا وسطها ... وأرانيها صعيدا زلقا
وقال فيه أيضا: [البسيط]
بنى أبو جعفر دارا فشيّدها ... ومثله لخيار الدّور بنّاء
فالجوع داخلها والذلّ خارجها ... وفي جوانبها بؤس وضرّاء
ما ينفع الدار من تشييد حائطها ... وليس داخلها خبر ولا ماء
وكذب، كان أبو جعفر محمد بن نصر بن منصور بن بسام في نهاية السّودد والمروءة والنظافة، رجل مترف نبيل المركب، مليح الملبس، ظريف العلمان، له همة في تشييد البنيان، وما رثاه ابن الرومي به يدلّ على كذب ابنه، قال ابن الرومي فيه:
[الكامل]
أودى محمد بن نصر بعد ما ... ضربت به في جوده الأمثال
ملك تنافست العلا في عمره ... وتنافست في موته الآجال
من لم يعاين سير نعش محمد ... لم يدر كيف تسيّر الأجبال
ودخرته للدهر أعلم أنّه ... كالحصن فيه لمن يؤول مآل
وتمتعت نفسي بروح رجائه ... زمنا طويلا والتمتع مال
(١) الأبيات في ديوان الحطيئة ص ١١٩.