نفسه، وطف بالبلاد، واختر وطنا ما أرضاك، فإنّ الحرّ يضيع في وطنه، ولا يعرف قدره.
الأصمعيّ: سمعت بعض العرب يقول: الفقر في الوطن غربة، والغنى في الغربة وطن.
ونظر أبو الحسن إلى برذون يستقي عليه، فقال: المرء حيث يضع نفسه، لو هملج هذا لم يبل بما ترون.
الزبير رضي الله عنه: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول «إن العباد عباد الله، والبلاد بلاد الله، فحيثما وجدت خيرا فأقم، وأحمد الله»(١).
وقال هلال بن العلاء الرّقيّ:[مجزوء الكامل]
لا تجزعنّ وإن نأت ... أرض تنال بها المحبّة
وطن الغريب يساره ... والفقر في الأوطان غربه
وقال آخر:[مخلع البسيط]
أشدّ من فاقة الزّمان ... مقام حرّ على الهوان
فاسترزق الله واستغنه ... فإنه خير مستعان
فإن نبا منزل بحرّ ... فمن مكان إلى مكان
وقال آخر:[البسيط]
من ضاق عنك فأرض الله واسعة ... عن وجه كلّ مضيق وجه منفرج
خير المذاهب في الحاجات أنجحها ... وأضيق الأمر أدناه من الفرج
***
ثمّ قال: حسبك ما استمعت، وحبّذا أنت لو اتّبعت. فأوضحت له معاذيري، وقلت له: كن عذيري. فعذر واعتذر، وزوّد حتّى لم يذر، ثمّ شيّعني تشييع الأقارب، إلى أن ركبت في القارب فودّعته وأنا أشكر الفراق وأذمّه، وأودّ لو كان هلك الجنين وأمّه.
***
(١) أخرجه أحمد في المسند ١/ ١٦٦، بلفظ: «البلاد بلاد الله والعباد عباد الله».