للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هي أولى به وأقرب رحما ... من أبيه وفي قضاء الرّسول

ثم دفعه معاوية إليها.

***

فزفر أبو زيد زفير الشّواظ، واستشاط استشاطة المغتاظ، وقال لها: ويلك يا درفار يا فجار، يا غصّة البعل والجار، أتعمدين في الخلوة لتعذيبي، وتبدين في الحفلة تكذيبي!

وقد علمت أنّي حين بنيت عليك، ورنوت إليك، ألفيتك أقبح من قردة، وأيبس من قدّة، وأخشن من ليفة، وأنتن من جيفة، وأثقل من هيضة، وأقذر من حيضة، وأبرز من قشرة، وأبرد من قرّة، وأحمق من رجلة، وأوسع من دجلة؛ فسترت عوارك، ولم أبد عارك. على أنّه لو حبتك شيرينبجمالها، وزبيدة بمالها، وبلقيس بعرشها، وبوران بفرشها، والزّبّاء بملكها، ورابعة بنسكها، وخندف بفخرها، والخنساء بشعرها في صخرها، لأنفت أن تكوني قعيدة رحلي، وطروقة فحلي.

***

قوله: زفر: أي تنفّس بغيظ، والزّفر والزّفير ردّ النفس في جوفه حتى تنتفخ عروقه قال ابن عرفة: الزّفير من الصدر والشّهيق من الحلق. الشّواظ: النار بغير دخان وزفيره:

صوت اتّقاده. استشاط: اشتدّ غيظه وانتشر في جسده.

يا فجار: ابن عمر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم: «من قذف امرأته جلد يوم القيامة مائة جلدة بسياط من نار» (١).

والغصّة: ما يختنق به. والبعل: الزوج، وأراد أنّها مؤذية يشقي بها زوجها وجارها، كما يشقى صاحب الغصّة. تعمدين: تقصدين. الخلوة. الانفراد. والحفلة:

الاجتماع. بنيت عليك، أي تزوّجتك، وكانت العرب إذا تزوّج الرجل بنى على أهله قبّة، فيسمّى دخول الزوج بغاء لذلك. رنوت: نظرت ألفيتك: وجدتك. قدّة: شراكة تقدّ من جلد غير مدبوغ. واللّيفة، واحدة ليف النخل، وهي التي تكون بين الجرائد. هيضة: هي التخمة تؤول إلى القيء والإسهال وقشرة الشيء: ما علا عليه.

ودجلة: نهر العراق، وعليه بغداد والبصرة، وواسط على جرفها، ويجري على وجه الأرض أربعمائة فرسخ. ولم يحمل الحريريّ مبالغة السعة على هذه؛ وإنما أراد


(١) أخرجه أحمد في المسند ٥/ ١٥٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>