للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إنّ الزمان وما تفنى عجائبه ... أبقى لنا ذنبا واستؤصل الرّاس (١)

أبقى لنا كلّ مجهول وفجّعنا ... بالحالين فهم هام وأرماس

إن الجديدين في طول اختلافهما ... لا يفسدان ولكن يفسد الناس

فأجمع علماء الشعر أنه لم تكن قطّ امرأة قبلها ولا بعدها أشعر منها.

وكان النابغة الذبياني يجلس لشعراء العرب بعكاظ على كرسيّ، ينشدونه فيفضل من يرى تفضيله، فأنشدته في بعض المواسم فأعجب بشعرها، وقال لها: والله لولا أنّ هذا الأعمى أنشدني قبلك- يعني الأعشى- لفضّلتك على شعراء هذا الموسم.

وكان بشار يقول: لم تقل امرأة شعرا إلّا ظهر الضعف فيه، فقيل له: أوكذلك الخنساء؟ فقال: تلك كان لها أربع خصى.

ومن جيّد ما رثت به صخرا قولها: [الوافر]

ألا يا صخر إن أبكيت عيني ... لقد أضحكتني دهرا طويلا (٢)

بكيتك في نساء معولات ... وكنت أحقّ من أبدى العويلا

دفعت بك الجليل وأنت حيّ ... فمن ذا يدفع الخطب الجليلا

إذا قبح البكاء على قتيل ... رأيت بكاءك الحسن الجميلا

ومنه: [الوافر]

يؤرّقني التذكّر حين أمسي ... ويردعني عن الأحزان نكسي (٣)

على صخر وأيّ فتى كصخر ... ليوم كريهة وطعان خلس

ولم أر مثله رزءا لجن ... ولم أر مثله رزءا لإنس

يذكّرني طلوع الشمس صخرا ... وأبكيه لكلّ غروب شمس

ولولا كثرة الباكين حولي ... على إخوانهم لقتلت نفسي

وما يبكون مثل أخي ولكن ... أعزّى النّفس عنه بالتأسي

ومنه أيضا: [السريع]

أبعد ابن عمرو من آل الشّري ... د حلّت به الأرض أثقالها (٤)

لعمر أبيه لنعم الفتى ... إذا النفس أعجبها مالها


(١) الأبيات في ديوان الخنساء ص ١٥٥.
(٢) الأبيات في ديوان الخنساء ص ٢٢٥، ٢٢٦، والبيتان الثالث والرابع في لسان العرب (بكا)، وتاج العروس (بكى).
(٣) الأبيات في ديوان الخنساء ص ١٥٠.
(٤) ديوان الخنساء ص ٢٠١.

<<  <  ج: ص:  >  >>