أعدائه مستنصرين، فإذا رأيتم الحرب قد شمّرت عن ساقها، وجلّلت نارا على أوراقها، فتيمموا وطيسها وجالدوا رسيسها، تظفروا بالغنم والكرامة في دار الخلد والمقامة، فلما أضاء لهم الصبح باكروا مراكزهم فتقدموا واحدا بعد واحد ينشدون أراجيز يذكرون فيها وصية العجوز لهم، حتى قتلوا عن آخرهم، فبلغها الخبر، فقالت: الحمد لله الذي شرّفني بقتلهم، وأرجو من ربي أن يجمعني بهم في مستقر الرحمة.
وكان عمر بن الخطاب يعطيها أرزاق بنيها الأربعة، وكان لكلّ منهم مائتا درهم، حتى قبض رضي الله تعالى عنه.
وقوله: قعيدة رحلي، أي امرأة بيتي، وناقة طروقة: بلغت أن يطرقها الفحل. وأنفت. استنكفت وكرهت.
***
قال: فتذمّرت المرأة وتنمّرت، عن ساعدها وشمّرت، وقالت له: يا ألأم من مادر، وأشام من قاشر، وأجبن من صافر، وأطيش من طامر؛ أترميني بشنارك، وتفري عرضي بشفارك، وأنت تعلم أنّك أحقر من قلامة، وأعيب من بغلة أبي دلامة، وأفضح من حبقة، في حلقة، وأحير من بقّة في حقّة.
وهبك الحسن في وعظه ولفظه، والشعبيّ في علمه وحفظه، والخليل في عروضه ونحوه، وجريرا في غزله وهجوه، وقسّا في فصاحته وخطابته، وعبد الحميد في بلاغته وكتابته، وأبا عمرو في قراءته وإعرابه، وابن قريب في روايته عن إعرابه؛ أتظّنني أرضاك إماما لمحرابي، وحساما لقرابي، لا والله ولا بوّابا لبابي، ولا عصا لجرابي.
***
تذمرت: غضبت، وتذمّر الرجل، إذا رأى ما يكرهه فغضب وتهدد، والذّمر: اللوم والحضّ، وذمر قائد الجيش أصحابه يذمرهم، إذا لامهم وأسمعهم ما يكرهون ليجدّوا في القتال، تنمّرت: تغيّرت وتشبّهت بالنمر، ولا يوجد النّمر إلا مستنكرا غضبان، ونمر الرجل وتنمر: تنكّر وتغيّر. حسرت عن ساعدها: شمّرت عن ذراعها. أطيش: أخفّ والطيش: خفّة العقل.
والطامر: البرغوث، يقال له طامر بن طامر، قال الأصمعيّ: كنت بالبادية فرأيت أعرابيا قد بسط كساءه ليفلّيه في الشمس، فوقفت أنظر إليه، فجعل يأخذ البراغيث، ويدع القمل، فقلت له: لم تأخذ بعضا وتدع بعضا؟ فقال: أبدأ بالفرسان ثم أعكّر على الرجّالة.