للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فلما بلغ عبد الملك هذا، قال: ما زاد ابن المراغة أن جعلني شرطيّا له! أما إنه وقال: «لو شاء ساقكم» لسقتهم إليه كما قال.

ونزل الفرزدق حين قدم على الأحوص فقال: ما تشتهي؟ قال شواء وظلّا وغناء، قال: ذلك لك، ومضى به إلى قينة فغنّته: [الوافر]

ألا حيّ الديار بسعد إنّي ... أحبّ لحبّ فاطمة الدّيارا (١)

إذا ما حلّ أهلك يا سليمى ... بدارة صلصل شحطوا مزارا

أراد الظاعنون ليحرموني ... فهاجوا صدع قلبي فاستطارا

فقال: ما أرقّ أشعاركم يا أهل الحجاز! قال: أو تدري لمن هذا؟ قال: هو لجرير يهجوك، قال: ويل لابن المراغة! ما كان أحوجه مع عفافه إلى صلابة شعري، وأحوجني مع فسوقي إلى رقة شعره، وفي الفرزدق منها: [الوافر]

وكنت إذا نزلت بدار قوم ... رحلت بخزية وتركت عارا (٢)

وقال جرير: [الطويل]

لقد طال كتماني أمامة حبّها ... فهذا أوان الحبّ تبدو شواكله (٣)

وإني وإن لام العواذل مولع ... بحبّ الغضا من حبّ من لا يزايله

ولما استقرّ الحبّ القت بي العصا ... ومات الهوى لمّا أصيبت مقاتله

وقلن تزوّج لا يكن لك حاجة ... وقلبك لا تشغل وهنّ شواغله

وقال أيضا: [الكامل]

يا أخت ناجية السّلام عليكم ... قبل الرّحيل وقبل لوم العذّل (٤)

لو كنت أعلم أنّ آخر عهدكم ... يوم الفراق فعلت ما لم يفعل


(١) الأبيات في ديوان جرير ص ٨٨٦، والبيت الأول في جمهرة اللغة ص ٦٤٥، ومجمل اللغة ٣/ ٦٨، وتاج العروس (سعد)، وهو بلا نسبة في مقاييس اللغة ٣/ ٧٥.
(٢) البيت لجرير في ديوانه ص ٨٨٧، ولسان العرب (خزا)، وتاج العروس (خزي).
(٣) الأبيات في ديوان جرير ص ٩٦٤، ويروى صدر البيت الرابع:
وقلن تروّح لا يكن لك ضيعة
وهو في لسان العرب (ضيع)، وتهذيب اللغة ٣/ ٧٢، وتاج العروس (ضيع).
(٤) يروى البيت الأول في ديوان جرير ص ٤٤٣:
يا أم ناجية السلام عليكم ... قبل الرواح وقبل لوم العذّل
ديوان جرير ص ٢٧٩، والبيت الثالث في لسان العرب (عرض)، (بشم)، وتهذيب اللغة ١/ ٤٦٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>