للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحجاج، وقد بلغنا نعيه، قال: والله لا أدري بأيهما كنت أشدّ فرحا، بوجداني الجواب والحجّة لقولي واختياري، أم بموت الحجّاج! .

سفيان بن عيينة: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في المنام، فقلت له: يا رسول الله، قد اختلفت عليّ القراءات، فبقراءة من تأمرني أن أقرأ؟ قال: بقراءة أبي عمرو بن العلاء.

وقال أبو العباس بن سريج: من أراد أن يتظرّف فعليه بمذهب الشافعي، وقراءة أبي عمرو بن العلاء وشعر ابن المعتز، فقيل له: قد عرفنا مذهب الشافعيّ وقراءة أبي عمرو ابن العلاء، فأنشدنا من شعر ابن المعتزّ ما يوجب الظّرف فأنشد: [المنسرح]

كنت صباحي قرير عين ... فصرت أمسي صريع بين

بعين نفسي أصبت نفسي ... فالله بيني وبين عيني

وكان يقول: إنّما نحن فيمن مضى، كبقل في أصول نخل طوال.

وقال أبو عمرو: ناظرت عمرو بن عبيد في الوعيد، فقال: إن الله تعالى لا يوعدنا بشيء فيخلفه، فقلت له: يا أبا عثمان، ليس لك علم باللغة، إنّ خلف الوعيد عند العرب ليس بخلف، وأنشد: [الطويل]

وإني وإن أوعدته أو وعدته ... ليكذب إبعادي ويصدق موعدي (١)

وقال أبو عمرو: كنت رأسا والحسن حيّ. وتوفّي بالكوفة سنة أربع وخمسين ومائة، وهو ابن ست وثمانين سنة، وعلى قبره مكتوب «هذا أبو عمرو بن العلاء مولى بني حنيفة».

وإنما قيل هذا لأن أمه كانت من بني حنيفة.

أبو عبيدة: دخل أبو عمرو على سليمان بن عبد الملك، فسأله عن شيء فصدقه فيه، فلم يعجبه ما قال، فخرج أبو عمرو وهو يقول: [المتقارب]

أنفت من الذلّ عند الملوك ... وإن أكرموني وإن قرّبوا

إذا ما صدقت لهم خفتهم ... ويرضون منّي بأن يكذبوا

وقال أبو بكر بن مجاهد: رأيت أبا عمرو في المنام، فقلت: ما فعل الله بك؟ فقال لي: دعني مما فعل الله بي، من أقام ببغداد على السنّة والجماعة ومات، نقل من جنة إلى جنة.

***


(١) يروى عجز البيت:
لمخلف إيعادي ومنجز موعدي
وهو لعامر بن الطفيل في ديوانه ص ٥٨، ولسان العرب (وعد)، (ختا)، وتاج العروس (ختأ).

<<  <  ج: ص:  >  >>