وردّني أخيب من شائم ... برقا خفا في شهر تمّوزا
كأنّه لم يدر أنّي الّتي ... لقنت ذا الشّيخ الأراجيزا
وأنّني إن شئت غادرته ... أضحوكة في أهل تبريزا
***
ليثب: أي ليرجع. توفّر: تكثر. ثارت: ظهرت، وأفشت سرّها. واستطالت:
جرحت بلسانها، وأعلت كلامها. أوفى: أشرف عليهم وزاد. تبريزا: ظهورا وسبقا.
ضيزى: غير مستوية، فيها بخس ونقصان، وقد ضاز الحاكم، إذا جار، وضازه يضيزه ضيزا، إذا نقصه ومنعه حقه. ويحكى أن مزيدا المدني- ويكنى أبا إسحاق- صلّى يوما، فلمّا فرغ من صلاته قالت امرأته: اللهم أشركني في دعائه، فقال مزيد اللهمّ اصلبني، فقالت امرأته: أمّا على هذا فلا، فقال يا ضرّاطة، تلك إذا قسمة ضيزى.
قوله والشيخ: منصوب على المفعول معه. نبغي: نطلب. النّدى: الكرم. وجنى العود: ما يجنى من ثمره، وأرادت كرم القاضي. ما زال مهزوزا، أي ما زال القاصدون يهزّون عوده فيتساقط عليهم جناه، فمعنى ما زال مهزوزا، أي مطلوب منه العطايا.
جدواه: عطاياه تخصيصا: ترفيعا. تمييزا: تعيينا، وقد تخصّص الرجل: تشبّه بالخواصّ، وتعيّن: تشبّه بالأعيان. شائم: ناظر للبرق. خفي: لمع. تمّوز: يوليه بالسريانية، وهو أشدّ الشهور حرّا. لقنت: فهمت وحفظت. غادرته: تركته. أضحوكة: يضحك به من رآه.
***
قال: فلمّا رأى القاضي اجتراء جنانهما، وانصلات لسانهما، علم أنّه قد مني منهما بالدّاء العياء، والدّاهية الدّهياء؛ وأنّه متى منح أحد الزّوجين، وصرف الآخر صفر اليدين، كان كمن قضى الدّين بالدّين، أو صلّى المغرب ركعتين. فطلسم وطرسم، واخرنطم وبرطم، وهمهم وغمغم، ثمّ التفت يمنة وشامة وتململ كآبة وندامة، وأخذ يذمّ القضاء ومتاعبه، ويعدّد شوائبه ونوائبه، ويفنّد طالبه وخاطبه.
ثمّ تنفّس كما يتنفّس الحريب، وانتحب حتّى كاد يفضحه النّحيب، وقال: إن هذا لشيء عجيب! أأرشق في موقف بسهمين! أألزم في قضيّة بمغرمين! أأطيق أن أرضي الخصمين، ومن أين ومن أين!
***
اجتراء: إقدام وتشجّع جنانهما: قلبهما، يريد أنهما لم يهاباه. انصلات لسانهما:
خروجه بالكلام وطاقته بالشرّ، وانصلت السيف؛ تسلل من غمده وخرج. مني: بلي.