قال: فأخذ الشّيخ فيما يعطف عليه القلوب؛ ويسنّي له المطلوب؛ حتّى أنبط حفره، واعشوشب قفره. فلمّا أن ترع الكيس؛ انصلت يميس، ويحمد تنّيس، ولم يحل للشّيخ المقام، بعد ما انصاع الغلام. فاسترفع الأيدي بالدّعاء، ثمّ نحا نحو الانكفاء.
***
قوله: قضى، أي أتمّ. نهض: قام وتقدّم. شدن: اشتدّ وقوي، وأصله في الظّبي والصبيّ، تقول: شدن الظبيّ، إذا اشتدّ وترعرع، وكذلك الصبيّ قال عمر بن أبي ربيعة:
[البسيط]
إذ تستبيك بمصقول عوارضه ... ومقلتي جؤذر لم يعد أن شدنا (١)
أراد أنّه ترعرع للمشي والرّعي. أعرى البدن: تركه عريانا. ذوي الحصاة: أهل العقول: والإنصات: السكوت وحسن الاستماع، والوصاة، بمعنى الوصيّة كالتقاة بمعنى التقيّة، وأصلها «وقيّة» قلبت الواو تاء والياء ألفا، والواو إذا انضمّت في أول الكلمة كنت بالخيار، إن شئت تركتها، وإن شئت قلبتها، ولهذا تركت في الوصاة. وقيل الوصاة بفتح الواو في الوصيّة، وبضمّها جمع واص كراع ورعاة، وعيتم: حفظتم. فقهتم: فهمتم الإرشاد: الهداية: أي قد فهمتم ما دللتم عليه من الخير فافعلوا. نوى: قصد وأضمر، وهو من النيّة، وأراد بالمستقبل، ما يستقبله من أفعاله. فليبن: فليفصح ويبيّن. ببرّي:
بإكرامي. عن نيّته: عن قصده وصدق باطنه. يعدل: يمل. الإصرار: الإقامة على الذنب، سرّي لكما ترون، أي هو ظاهر لكم غير مستتر. الصّون: الحوطة فيما يعطف عليه القلوب، يريد أنه أخذ في كلام تحنّ به للصبيّ قلوب الناس. يسنّي: يسهل وييسّر.
أنبط: أخرج الماء. القفر: ما لا نبات فيه. اعشوشب تغطّى بالعشب، يريد أنه استغنى بعد الفقر، وضرب بأنبط واعشوشب المثل. ترع: امتلأ، والكيس: وعاء الدراهم انصلت: تسلّل وخرج بسهولة. يميس: يتمايل ويتبختر. انصاع: ذهب مسرعا وانفتل راجعا. استرفع: طلب رفعها. نحا نحو الانكفاء، أي قصد قصد الانصراف.
***
قال الرّاوي: فارتحت إلى أن أعجمه، وأحلّ مترجمه، فتبعته وهو يشتدّ في سمته، ولا يفتق رتق صمته؛ فلمّا أمن المفاجي، وأمكن التناجي، لفت جيده إليّ،