للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ترى الغرّ الجحاجح من قريش ... إذا ما الأمر في الحدثان عالا (١)

قياما ينظرون إلى سعيد ... كأنهم يرون به الهلالا

فقال الحطيئة: هذا والله الشعر، لا ما تعلّل به نفسك هذا اليوم، يا غلام أدركت من قبلك، وسبقت من بعدك، وإن طال عمرك لتبرّزن، ثم قال له: هل أنجدت أمّك يا غلام، قال: لا بل أنجد أبي، فوجده لقنا حاضر الجواب فأعجبه.

وكان للفرزدق نديم يسمى زيادا الأقطع، فأتى بابه، فخرجت له بنيّة له صغيرة اسمها مكية، فقال لها: ابنة من أنت؟ قالت: ابنة الفرزدق، قال: فما بالك حبشيّة؟

قالت: فما بال يدك مقطوعة؟ قال: قطعت في حرب الحرورية، قالت: بل قطعت في اللصوصية، فقال: عليك وعلى أبيك لعنة الله، ثم أخبر الفرزدق بالخبر، فقال: أشهد أنها ابنتي حقا، ثم قال: [الرجز]

سام إذا ما كنت محميّه ... بدارميّ أمّه ضبّيّه

* صمحمح مثل أبي مكّيّه (٢) *

وقرع باب عديّ بن الرقاع جماعة من الشعراء، فخرجت إليهم بنيّة له صغيرة فقالت: ما تريدون من أبي؟ فقالوا: جئنا لنهاجيه، فقالت: [الطويل]

تجمّعتم من كلّ أوب ووجهة ... على واحد لا زلتم قرن واحد (٣)

فأفحمتهم، ورجعوا بأخزى حالة.

وقال معاوية لعمرو بن سعيد وهو صغير: إلى من أوصى بك أبوك؟ فقال: إنّ أبي أوصى إليّ ولم يوص بي. أخذه بعضهم فقال: [المتقارب]

وكنت النجيب لدى ناجلي ... فأوصى إليّ ولم يوص بي

قال يحيى بن يزيد: استنشدت غلاما، فأنشدني أرجوزة، فقلت: لمن هذه؟ فقال:

لي. فزجزته فأنشأ يقول: [الرجز]

إني وإن كنت صغير السّنّ ... وكان في العين نبوّ عنّي


(١) البيتان في ديوان الفرزدق ص ٦١٨.
(٢) يروى الرجز:
شاهد إذا ما كنت ذا محميّه ... برجل مثل أبي مكيّه
وهو للفرزدق في أساس البلاغة (حمي).
(٣) يروى صدر البيت:
تجمعتم من كل أوب وحاضر
وهو لابنة عدي بن الرقاع في الشعر والشعراء ص ٦٢٢، وذيل الأمالي ٣/ ٧٠، والكامل ص ٣٤٣، والأغاني ٩/ ٣٥٤، وبلا نسبة في جمهرة اللغة ص ١٠٢٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>