لغيرك، والتبيان منك لنفسك، مثل التبيين تقول: بينت الشيء لغيري بيانا وتبينته أنا تبيانا؛ وقد وقع التبيان بمعنى البيان؛ حكى أبو منصور الأزهري رحمه الله: بينت الشيء تبيينا وتبيانا، قال تعالى تِبْياناً لِكُلِّ شَيْءٍ [النحل: ٨٩] أي يبين لك فيه كل ما تحتاج إليه أنت وأمتك من أمر الدين، فهو لفظ عام أريد به الخاصّ، وقد يقع البيان لكثرة الكلام ويعد ذلك من النفاق؛ قال النبي صلى الله عليه وسلم:«الحياء والعي شعبتان من الإيمان، والبذاء والبيان شعبتان من النفاق»(١) أخرجه الترمذي وقال: «العيّ قلة الكلام والبذاء الفحش، والبيان كثرة الكلام».
ألهمت: نبهت عليه وفهمته. وأسبغت: أتممت وكثرت. وأسبغت: أطلت.
والغطاء: أراد به ستر الله على عبده.
***
ونعوذ بك من شرّة اللّسن، وفضول الهذر، كما نعوذ بك من معرّة اللّكن، وفضوح الحصر، ونستكفي بك الافتتان بإطراء المادح، وإغضاء المسامح، كما نستكفي بك الانتصاب لإزراء القادح، وهتك الفاضح.
***
نعوذ، أي نستجير، شرّة: حدة واللسن: حدة اللسان وإدلاله على الكلام فضول:
وقيل: هي كل ما يؤذيك، وفلان يعرّ قومه، أي يدخل عليهم مكروها يلطّخهم به؛ وأصله من العرة وهي الفعلة القبيحة، أو من العرّ وهو الجرب. واللكن: احتباس اللسان عند الكلام فضوح شهرة وفضيحة. الحصر العي، وحصر حصرا إذا أعيا واستحيا أو أضاق صدره. واستعاذ من شرة اللسن لأنه من اقتدر على الكلام أداه إلى المطاولة في الجدل وتصوير الباطل في صورة الحق، وفيه إثم على الكلام وأصل الشرّة القلق والانتشار، ومنه الشرّ؛ وقد شرّ يشرّ، ومنه شرر النار. ثم استعاذ من ضدها وهي المعرة لأن صاحبها لا يتم لفظه فيشين بذلك نفسه، ويقصر عن مراده من البيان، ثم قرن بها الحصر لأن من يعتريه يتوالى عليه الوهل والخجل؛ فلا يستطيع الكلام، فيفتضح ويشتهر عيبه.
وهذا الفنّ من الكلام يسمى في صنعة البديع المقابلة، وأول من صدر به كتابا عمرو بن بحر الجاحظ في كتاب البيان فقال اللهم إنا نعوذ بك من فتنة القول كما نعوذ بك من فتنة العمل، ونعوذ بك من التكلف لما لا نحسن، كما نعوذ بك من العجب بما
(١) أخرجه الترمذي في البر باب ٨٠، وأحمد فى المسند ٥/ ٢٦٩.