للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فلمّا رأى أبو زيد امتلاء كيسه، وانجلاء بوسه، قال لي: إنّ بدني قد اتّسخ، ودرني قد رسخ، أفتأذن لي في قصد قرية لأستحمّ؛ وأقضي هذا المهمّ؟ فقلت: إذا شئت فالسّرعة السّرعة، والرّجعة الرّجعة، فقال: ستجد مطلعي عليك، أسرع من ارتداد طرفك إليك.

***

كلف: محبّ. دماثتهما: سهولتهما، والدّماثة سهولة الأرض، وكل ما وطئته وسهّلته وأذللته بيدك فهو دمث. راث: باك مشفق. ورثاثتهما: سوء حالهما. أبحته:

جعلته له مباحا كثري وقلّي: أي كثير مالي وقليله. طفقت: أخذت. أسيّر: أمشي.

السيارة: القوم الذين يسيرون في الأسفار. أهزّ الأعواد، استعارة، وأراد أنه يستعطف لهما أصحاب الأموال فيواسونهم، فكنى عنهم بالأعواد، وقد كرّر هذا المعنى نظما حين قال: [الرجز]

قصدته والشيخ يبغى جنى ... عود له ما زال مهزوزا

وقال الشاعر في مثله: [البسيط]

إلّا يكن ورقي غصّا أراح به ... للمعتفين فإني ليّن العود

أراد إن لا أكن كثير المال فإني كريم. والورق: المال غير الصامت، وأراح به:

أهتزّ به، من الأريحيّة. وراح الشجر: أتى بورق في آخر الصيف لا أصل له، ويقال لها الخلفة. قوله: «غمرا»، أي أعطيا. النّحلان: العطايا. الخلّان: الأصحاب. وقوله:

«وكنا بمعرّس»، المعرّس موضع النزول آخر الليل نتنوّر: ننظر النيران. القرى: طعام الضيف. كيسه: وعاء دراهمه، والكيس: خريطة تسع خمسمائة درهم والبدرة تسع عشرة آلاف درهم، قال حبيب:

من بعد ما صارت هنيدة صرمة ... والبدرة النّجلاء صارت كيسا (١)

قوله: «انجلاء بوسه»، انكشاف فقره. درني: وسخى. ورسخ الشيء في الأرض رسوخا: غاب فيها، ورسخ العالم في العلم: دخل فيه. استحمّ: أدخل الحمام، واستحمّ الرجل: اغتسل بالحميم؛ وهو الماء الحارّ. أقضى: أقطع وأزيل، وقضيت الشيء: صنعته. المهمّ: أراد به فرض الصّلاة، قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: إنّ أهم أموركم عندي الصّلاة، فمن ضيّعها فهو لما سواها أضيع. وقيل: المهمّ: الوسخ لأنّ


(١) الهنيدة: اسم للمائة من الإبل، والصرمة: ما بين العشرة إلى بضعة عشر، والنجلاء: الواسعة.
والبيت في ديوان أبي تمام ص ١٧٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>