وصرت حجازا جديب المحلّ ... وقد كنت للطالب الخصب ريفا
وقال آخر: [الرمل]
يا عقارا صار خلا ... وملاذا للبعوض
سر فما لي فيك حظّ ... كان ذا قبل الحموض
ما أبالي بعد أكل الزّب ... د من طرح المخيض
قوله: راق أوصافا، أي حسنت أوصافه وحسنها أن توصف بالرّقة والصفاء والحمرة والقدم وقوة الفعل، يقول: فإذا كانت أوصافه معجبة أوقد الشر حيثما حضر فإذا فسدت أوصافه صلح. زكيّ العرق: كريم الأصل، والزكاء: النماء والزيادة، أي كثير الفضل والخير، وأراد أنها شجرة مباركة يكون منها العنب والزبيب والرّبّ، ولكنها تلد ولد سوء، وهو الخمر، وأخذ هذا المعنى من قول الشاعر: [البسيط]
فإن فخرت بآباء لهم شرف ... قلنا صدقت، ولكن بئس ما ولدوا
أو يريد لذّة العنب.
***
ثمّ اعتضد عصا التّسيار، وأنشد ملغزا في الطّيّار: [المتقارب]
وذي طيشة شقّه مائل ... وما عابه بهما عاقل
يرى أبدا فوق علّيّة ... كما يعتلي الملك العادل
تساوى لديه الحصا والنّضار ... وما يستوي الحقّ والباطل
وأعجب أوصافه إن نظرت ... كما ينظر الكيّس الفاضل
تراضى الخصوم به حاكما ... وقد عرفوا أنّه مائل
***
قوله: اعتضد، جعلها تحت عضده. التّسيار: السّير. والطّيّار: ميزان معروف عندهم، يرجّحه أيسر شيء؛ فلخفّته سمّي الطيّار. وقيل: الطّيّار. ميزان الدراهم المعروف عندهم بالقارسطون. الفنجديهي: الطيّار: لسان الميزان.
طيشة خفة. شقّه: نصفه وجانبه، فيريد بالظاهر: وذي حمق وخفة أصابه خدر وفالج، فيبس جنبه فمال على الجانب الصحيح، ومع ذلك لا يرى أبدا إلا في مكان مرتفع عاليا كما يفعل الملك، والحجارة والذهب عنده سواء. والنّضار: الذهب، ثم قال: وإذا نظرت إليه نظر كيّس حاذق رأيت في وصفه عجبا حين كان الناس يتراضون بحكمه مع معرفتهم بأنه ناقص الخلقة، لا يعدل في حكمه إنما هو ميّال مع أحد الخصمين. والعلّية: اليد التي يمسك عليها الميزان.