للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أشر بعود من الكبريت نحو فمي ... وانظر إلى زفراتي كيف تلهبه

***

ثمّ تخمّط تخمّط القرم، وأنشد ملغزا في حلب الكرم: [مجزوء الوافر]

وما شيء إذا فسدا ... تحوّل غيّه رشدا

وإن هو راق أوصافا ... أثار الشّرّ حيث بدا

زكيّ العرق والده ... ولكن بئس ما ولدا

***

قوله: تخمّط، أي تكبّر وتهيّأ للقول، وأصل التّخمّط للقرم، وهو فحل الإبل، وتخمّط: تهيّأ للهدير وأخذ في الصّياح والهجوم على الإبل. وحلب الكرم، أراد الخمر، لأنها تحلب من العنب. والحلب: اللبن المحلوب، يقول: الخمر إذا فسدت صارت خلا، فحلّ استعمالها، فقد صار غيّها وهو فسادها رشدا، أي صلاحا، وقال أبو بكر بن القبطرنة في خمر له فسدت فصارت خلا: [الطويل]

أبا حسن إني فجعت بصاحب ... أنيس يسلّي الهمّ عند احتلاله

غدت بنت بسطام بن قيس بدنّها ... وأمست كجسم الشّنفرى بعد خاله

قوله: «غدت بنت بسطام بن قيس»، أي صهباء، لأن بسطام بن قيس يكنى أبا الصهباء. وقوله: «وأمست كجسم الشنفرى»، أي خلا، لأنه يريد قول الشّنفرى: [المديد]

* إنّ جسمي من بعد خالي خلّ (١) *

أي مختلّ.

وقال آخر في ذلك: [البسيط]

حسبتها بنت بسطام لها أرج ... ثم افتضضت ختاما من أبي سلمه

عرّض بأبي سلمة الخلّال.

ومن التعريض المركّب على هذا المعنى قول الشاعر: [المتقارب]

شربت مداما تسرّ التريفا ... فأصبحت تجرّع خلا ثقيفا


(١) يروى البيت:
فاسقنيها يا سواد بن عمرو ... إنّ جسمي بعد خالي لخلّ
والبيت للشنفرى في ديوانه ص ٨٤، وملحق ديوانه ص ٨٩، ولسان العرب (سلع)، (خلل)، ولتأبط شرا في ديوان الحماسة للتبريزي ٢/ ١٦٣، وتاج العروس (خلل)، ولابن أخت تأبط شرا في العقد الفريد ٣/ ٣٠٠، والحيوان ٣/ ٧٠، ولخلف الأحمر في شرح ديوان الحماسة للتبريزي ٢/ ٨٣٨، وبلا نسبة في مقاييس اللغة ٢/ ١٥٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>