للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فيها، ولهذا قال: «مسرورة» أي مقطوعة السرّة، وهو من سرّ الصبي، إذا قطعت القابلة سرّته.

***

ثمّ كشر عن أنيابه الصّفر، وأنشد ملغزا في الظّفر: [الوافر]

ومرهوب الشّبا نام ... وما يرعى ولا يشرب

يرى في العشر دون النّح ... ر فاسمع وصفه واعجب

كشر: كشف. أنيابه: أضراسه. الصّفر، يريد أنه لا يتعهدها بالسّواك، فلذلك اصفرّت وتلك الصفرة تسمى القلح، وقد قال في السادسة والعشرين: «بحسن ملحه وقبح قلحه». مرهوب: مخوف. الشّبا: الحدّ. نام: زائد، والظفر إذا ترك بغير تقليم طال.

وما يرعى، يريد أن نمو الخلق وزيادته إنما هو بما يتغذى به من الأكل والشرب، وهذا يكبر ويزيد من غير غذاء. والعشر في الظاهر: عشر ذي الحجة. والنّحر: يوم النحر أي يوم العيد فأراد أن هذا المرهوب الشّبا إنما يظهر في العشر خاصّة، فإذا جاء يوم العيد وطول السنة بعده لم يظهر، وإنما يعني بالعشر الأصابع. والنّحر: العنق، أي أنّ الأظفار خلقت في الأصابع لا في العنق، أو يريد أن الظفر يرى في الأصابع العشر في عشر النّحر من ذي الحجة.

***

ثمّ تخازر تخازر العفريت، وأنشد ملغزا في طاقة الكبريت. [الوافر]

وما محقورة تدنى وتقصى ... وما منها إذا فكّرت بدّ

لها رأسان مشتبهان جدّا ... وكلّ منهما لأخيه ضدّ

تعذّب إن هما خضبا وتلغى ... إذا عدما الخضاب ولا تعدّ

***

قوله: تخازر، أي نظر بمؤخر عينيه مستقلا لذلك، وهو نظر المحتقر لمن ينظر المنكر عليه. والعفريت: الشيطان المؤذي، وهو الرئيس من الجن، والكبريت، معروف فارسيّ معرّب. وطاقاته: قضبانه التي تجعل شيئا على شيء وهو الوقود الذي يشعل به المصباح. تقصى: تبعد. جدّا، أي كثيرا، ويريد بالرأسين طرفي قضيب الوقيد اللذين ينغمسان في الكبريت، وجعلهما ضدّين لأن هذا في طرف وهذا في طرف، فقد تباعدا وضدّ الشيء بعيد عنه، وجعلهما متشبهين؛ لأن شكل الطرفين وهما الرأسان شكل واحد. وخضبا: غمسا في الكبريت. وتلغى: تهجر وتترك، وقال ابن رشيق: [البسيط]

إن كنت تنكر ما منك ابتليت به ... فإنّ برء سقامي عزّ مطلبه

<<  <  ج: ص:  >  >>