للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والبلادة: التّحير في الأمر، والبليد المتحيّر: الذي لا يدري أين يتوجه، الأصمعيّ:

البليد: الذي يضرب بإحدى بلدتيه على الأخرى من الغمّ عند المصيبة. والبلدة هي الرّاحة، يقال: تبلّد الرجل، إذا تحيّر وضرب بإحدى يديه على الأخرى، يريد أنّ البلادة مشت فيهم وأشربتهم.

***

ثم افتتح النّطق بالبسملة، وأنشد ملغزا في المزمّلة: [الطويل]

ومسرورة مغمومة طول دهرها ... وما تدري ما السرور ولا الغمّ

تقرّب أحيانا لأجل جنينها ... وكم ولد لولاه طلّقت الأمّ

وتبعد أحيانا وما حال عهدها ... وإبعاد من لم يستحل عهده ظلم

إذا قصر اللّيل استلذّ وصالها ... وإن طال فالإعراض عن وصلها نعم

لها ملبس باد أنيق مبطّن ... بما يزدرى لكن لما يزدرى الحكم

***

قوله: المزمّلة، أي الملففة، وقد زمّلت، إذا لفّفت، وهي آنية يبرّد فيها الماء، شبه الخابية، تستعمل بأرض العراق وتوضع عليها لفائف ثياب خشنة، وتغشّى بجلد أو ثوب مزيّن، حسن لنظر العين، ومن تحته تلك الأغشية الخشنة الّتي لها السرّ والحكم في تبريد الماء. ومسرورة، أي محمولة على سرير، وهم يجعلون تحتها مرفعا من عود أو حديد، ترتفع به عن الأرض فهو سريرها، وكذلك رأيت خوابي الماء بسجلماسة، كلها على أسرّة عود. وقيل مسرورة: مغمومة مغطاة، وسرير الكمأة: ما غطاها من التراب. والغم:

ضدّ السرور. جنينها: ولدها، أراد به الماء. وحال: تغيّر. عهدها: التقاؤها وقربها.

غنم: غنيمة. أنيق: معجب. يزدرى: يحتقر، وأراد بالحكم معنى تبريد الماء، وأراد أن ما بدا منها للناظر فهو غشاء حين يعجب من رآه، وهو قد بطّن بلفائف غلاظ مستحقرة، ولها معنى تبريد الماء، وقال السريّ الموصليّ في المزمّلة: [الطويل]

وحافظة ماء الحياة لفتية ... حياتهم أن تستلذّ المشارب

تسربلها أجفى اللباس وإنّما ... يليق بها أفوافه والسباسب

على جسد مثل الزّبرجد لم يزل ... يشاكله في لونه ويناسب

إذا استودعت حرّ اللجين سبائكا ... تصوّب في أحشائها وهو ذائب

فهذه القطعة وقطعة المقامة تدل على تفسيرنا، وبه كان يفسر شيخنا ابن جهور رحمه الله، حدّثنا بذلك شيخنا أبو بكر بن أزهر عنه. وأما الفنجديهي ففسر المزمّلة بتفسير غير مرضيّ، وذلك أنه قال: المزمّلة موضع يغطّى؛ ويحشى تبنا، ويوضع في وسط التّبن وعاء في القيظ يبقي الماء باردا، ويترك ثقبه في وسط الموضع لدخول الجرة

<<  <  ج: ص:  >  >>