للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقيل: كان لا يمضي حتى يخرج له «افعل» ثلاث مرات، ولا يترك المضيّ حتى يخرج له «لا تفعل» ثلاث مرات، فإن خرج له مرة «افعل» ومرة «لا تفعل» ولم يخلص له أحدهما، فإن مضى في ذلك الأمر مضى وهو يرجو ويخاف، وهذا هو الذي أراد الحريري لأنه كان بين الرجاء والخوف.

ولما قتل حجر أبو امرئ القيس، أخذ امرؤ القيس أزلامه وهي القداح، وأتى ذا الخلصة- وهو صنم لدوس وخثعم وبجيلة- فاستقسم عندها بالأزلام فخرج له القدح الذي يكره، فأخذ الأزلام وكسرها وضرب بها وجه صنمها، وقال: [الرجز]

لو كنت يا ذا الخلص الموتورا (١) ... مثلي وكان شيخك المقبورا

لم تنه عن قتل العداة زورا

وحكى الفنجديهيّ، قال: الضارب بقدحين، يعني به قول الناس: إمّا الغنم، وإمّا الغرم، وإمّا الملك وإمّا الهلك قال الشاعر: [المتقارب]

ضربت بها البيت ضرب القدا ... ح إما لهذا وإمّا لذا

والقدح: السهم قبل أن يراش ويركّب نصله.

وحكى ابن ظفر أن الأزلام سبعة قداح، مكتوب على أحدها «نعم» وعلى الآخر «لا» وعلى قدح «منكم» وعلى قدح «من غيركم» وعلى قدح «ملصق» وعلى قدح «العقل»، وعلى قدح «فضل العقل». وكانت بيد سادن الأصنام، فيأتيه ذو الحاجة بدراهم، فيسأل الصنم أن يوضّح له ما سأل عنه، ثم يضرب بالقداح، فإن أتى سائل عن تزويج أو سفر أو شبه ذلك مما يستشار في مثله ضرب له بالقدحين اللذين عليهما نعم ولا، فإن خرج «نعم» مضى على فعله وإن خرج «لا» ترك ذلك. فإن انتسب رجل إلى قبيلة ضرب له بالأقداح الثلاثة التي فيها «منكم» «من غيركم» «ملصق» فإن خرج «منكم» أضافوا نسبه إلى أنفسهم، وإن خرج «من غيركم» كان حليفا وإن خرج «ملصق» لم يكن له حلف ولا نسب. فإن أتى سائل عن قتيل أو جناية ضرب بالقدحين اللذين عليهما العقل، فإن خرج على قوم «العقل» برئ منه الآخرون، وإن عقلوا ففضل شيء، فإن اختلفوا فيه ضرب بالقدح الذي عليه فضل العقل، فإن خرج عليه أدّاه.

ومعنى الاستقسام بها الرّضا بالقسمة بينهم من الأمر والنهي والبراءة والوجوب.

وسهام الميسر عشرة: ثلاثة يتكثّر بها لا أنصباء لها، وسبعة لها أنصباء، فأوّلها الفذّ، وفيه فرضة واحدة وله نصيب واحد، والثاني التوأم وفيه فرضتان وله نصيبان، ثم


(١) الرجز بلا نسبة في معجم البلدان ٣/ ٤٥٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>