للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقيل: كان خياطا.

وقيل: كان راعيا؛ فرآه رجل كان يعرفه قبل ذلك، فقال: ألست عبد بني فلان كنت ترعى بالأمس؟ قال: بلى؟ قال: فما بلغ بك ما أرى، قال: وما يعجبك من أمري؟

قال: وطء النّاس بساطك، وغشيهم بابك؟ ورضاهم بقولك؛ قال؛ يا بن أخي، إن صنعت ما أقول لك كنت كذلك، قال: وما تصنع؟ قال غضّ بصري، وكفّ لساني، وعفّة طمعي، وحفظ فرجي، وقيامي بعهدي، ووفائي بوعدي، وتكرمة ضيفي، وحفظ جاري؛ وترك ما لا يعنيني؛ فذلك الّذي صيّرني كما ترى.

ويروى أنه قال: قدر الله وأداء الأمانة وصدق الحديث وترك ما لا يعنيني.

أنس رضي الله عنه: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الحكمة تزيد الشريف شرفا، وترفع المملوك حتى يجلس مجالس الملوك، قال الله تعالى: وَلَقَدْ آتَيْنا لُقْمانَ الْحِكْمَةَ» [لقمان: ١٢].

وقال الإمام أبو إسحاق أحمد بن محمد إبراهيم الثعالبيّ المفسّر: اتفق العلماء على أنّ لقمان كان حكيما، ولم يكن نبيا، إلا عكرمة فإنّه تفرّد بأنهنبيّ.

ابن عمر رضي الله عنهما: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «حقا أقول، لم يكن لقمان نبيا ولكن كان عبدا صمصامة، كثير التفكّر، حسن اليقين، أحبّ الله فأحبّه، ومنّ الله عليه الحكمة».

وهب بن منبّه: كان لقمان ابن أخت داود عليه السلام، وقيل: ابن خالته، وكان في زمنه، وكان داود يقول له: طوبى لك! أوتيت الحكمة، وصرفت عنك البلوى، وأوتي داود الخلافة وبلي بالبليّة، وكان داود يغشاه ويقول: انظروا إلى رجل أوتي الحكمة، ووقي الفتنة.

عبد الوارث: أوتي لقمان الحكمة في قالة قالها، فقيل: وهل لك أن تكون خليفة فتعمل بالحقّ؟ فقال: إن تختر لي فسمعا وطاعة، وإن تخيّرني أختار العافية فقيل: وما عليك أن تكون خليفة فتعمل بالحق؟ قال: فإن أعمل بالحقّ فبالحري أن أنجو، وإن أخطئ الحق أخطئ طريق الجنّة، وإنه من يبع الآخرة بالدنيا يخسرهما جميعا، وأن أعيش حقيرا ذليلا أحبّ إلي من أن أعيش قويّا عزيزا. فشكر الله تعالى مقالته، فغطّه في الحكمة غطّة فأصبح وهو أحكم الناس.

وقيل: كان عبدا نجّارا فقال له سيّده: اذبح شاة وائتني بأطيب مضغتين، فأتاه بالقلب واللسان، ثم أمره بمثل ذلك، وأن يخرج أخبث مضغتين، فأخرج القلب واللسان، فقال له: ما هذا؟ فقال: ليس شيء أطيب منهما إذا طابا، ولا أخبث منهما إذا خبثا.

<<  <  ج: ص:  >  >>