يحدّث بعض بعضنا عن مصابه ... ويأمر بعض بعضنا بالتجلّد
وفي هذا طرف من قول الآخر: [الطويل]
إذا ما عراكم حادث فتحدثوا ... فإنّ حديث القوم ينسي المصائبا
وأهل الحزن يستعملون الحديث اشتغالا عن المصيبة.
وقال بشار: [البسيط]
أبناء عمرو لفي خفض وفي دعة ... وفي عطاء لعمري غير ممنوع
وضيف عمرو وعمرو ساهران معا ... عمرو لبطنته والضيف للجوع
وآخر: [البسيط]
ما كنت أحسب أن الخبز فاكهة ... حتى نزلت على قوم بميسان
قوم إذا حلّ ضيف بين أظهرهم ... لم ينزلوه ودلّوه على الخان
آخر:
والناس في فطر سوى شهرهم ... ودهر أضيافك شهر الصيام
آخر:
كتبت له صيفا فظنّ بأنني ... كتبت له ضيفا فقام إلى السيف
فقلت خيرا فظنّ بأنّني ... ذكرت له خبزا فمات من الخوف
وإن ابن هرمة ألأم الناس مع ادّعائه في شعره الكرم، قال رجل: أتيناه في جماعة من قريش أحببنا أن يتنزه عندنا، ومشينا بزاد كثير فخرج علينا، وقال: ما جاء بكم؟ قلنا:
شعرك حيث قلت: إن امرأ جعل الطريق لبيته ... ، وقولك أيضا [الكامل]
وإذا تنوّر راكبا مستنبح ... نبحت فدلّته عليّ كلابي
وعوين يستعجلنه فلقينه ... يضربنه بشراسف الأذناب
وسمعناك تقول: [المنسرح]
كم ناقة قد وجأت منحرها ... بمستهلّ الشؤبوب أو جمل
لا أمتع العوذ بالفصال ولا ... أبتاع إلّا قريبة الأجل
فنظر إلينا وقال: ما على وجه الأرض عصبة أسخف عقولا منكم، أما سمعتم قول الله عز وجل: وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ ما لا يَفْعَلُونَ [الشعراء: ٢٢٦] في الشعراء، والله أني لأقول ما لا أفعل، وأنتم تريدون أن أفعل ما أقول، والله لا أغضب ربّي في رضاكم، فضحكنا منه وأخرجناه معنا يتنزه حتى فني الزّاد.
أتى الحطيئة رجل وهو في غنمه، وقال: يا صاحب الغنم، سلام عليك فرفع