الحطيئة العصا، وقال: إنها عجراء من سلم، فقال الرجل: إنّي ضيف، فقال: للضيفان أعددتها، فأعاد السّلام، فقال: إن شئت قمت بها إليك.
ومرّ به ابن حمامة وهو جالس بفناء بيته، فقال: السلام عليكم، فقال: قد قلت ما لا ينكر.
وقال: خرجت من أهلي بغير زاد، قال: ما ضمنت لأهلك قراك، قال: أفتأذن لي أن آتي ظلّ بيتك؟ قال: دونك الجبل يفيء عليك، قال: أنا ابن حمامة، قال: انصرف وكن ابن أيّ طائر شئت. يروى هذا عن أبي الأسود الدؤلي.
ونزل الغضبان بن القبعثري خارج كرمان وهي قرية كثيرة الرّمضاء، فضرب قبّته، فورد عليه أعرابيّ، من بكر، فقال: السلام عليك، قال: السلام عليك كثير، وهي كلمة مقولة، قال الأعرابيّ: ما اسمك؟ قال: آخذ، قال أو تعطي؟ قال: ما أحبّ أن يكون لي اسمان، قال: ومن أين جئت؟ قال: من الذّلول، قال: وأين تريد؟ قال: أرضنا أمشي في مناكبها، قال: ومن عرض اليوم؟ قال آل فرعون على النّار، قال: فمن بشّر؟ قال:
الصّابرون، قال: فمن غلب؟ قال: حزب الله قال: أفتقرض؟ قال: إنما تقرض الفأرة، قال: أفتسمع قال: إنّما تسمع القينة، قال: أتنشد؟ قال: إنما تنشد الضالة، قال:
أفتقول؟ قال: إنما يقول الأمير، قال: أفتسجع؟ قال: إنما تسجع الحمامة، قال: أفتنطق:
قال: كتاب الله ينطق، قال: إنك لمنكر، قال: إني لمعروف، قال: ذلك أريد. قال: وما إرادتك؟ قال: الدّخول عليك، قال: وراءك أوسع، قال: قد أضرّتني الشّمس، قال:
الساعة يأتيك الفيء، قال: الرّمضاء أحرقت قدميّ، قال: بل عليهما تبردا، قال قد أوجعني الحرّ، قال: ليس لي عليه سلطان، قال: إني لا أريد طعامك ولا شرابك، قال:
أتعرّض بهما؟ والله لا تذوقهما عندي، قال: سبحان الله! قال: قبل كونك، قال: ما أرى عندك: قال: هراوة أرزن، أدقّ بها رأسك. فتركه وانصرف.
الأصمعيّ: عذلت اعرابية أباها في إتلاف ماله، فقالت: يا أبت، حبس المال أنفع للعيال من بذل الوجه للسؤال، وقد أتلفت التلاد، وبقيت ترقب ما بأيدي العباد، ومن لم يحفظ ما ينفعه يوشك أن يقع فيما يضرّه، أخذه ابن المعتز فقال: [السريع]
يا ربّ جود جرّ فقر امرئ ... فقام للناس مقام الذّليل
فاشدد عرا مالك واستبقه ... فالبخل خير من سؤال البخيل
وقال بعض البخلاء: [الكامل]
أعددت للأضياف كلبا ضاريا ... عندي وفضل هراوة من أرزن
ومعاذرا كذبا ووجها باسرا ... وتشكّيا عضّ الزمان الألزن
الألزن: المضيق.