فضحك هشام، وقال: لو فعلت به شيئا لم أنكر عليك.
وكان سعيد يومئذ صغيرا في المكتب ومؤدّبه عبد الصمد هذا، فلما راوده عن نفسه شكاه إلى هشام وأبدع في الكناية، ورقّق هذا المنكر الأكبر بلفظ يقابل به خليفة، وغاية ذوي الحنكة من الخطباء محاكاة براعته واستعارته، وليس ببدع، فهو من بيت ثلاثة شعراء في نسق، وكان هذا الشعر سبب إبعاد عبد الصمد من تأديب أولاد الخلفاء.
قوله: ما لبث، أي ما أقام ولا تأخّر. كبر أصيبيته، أي أكبرهم، وكبر ولد الرجل أكبرهم من الذّكور، وكبر قومه: أقعدهم في النّسب، أي أقربهم إلى الجدّ الأكبر، ومنه قيل: الولاء للكبر. أصيبية تصغير أصبية. قال الجوهري: الصبيّ: الغلام، وجمعه صبية وصبيان وهو من الواو، ولمّا لم يقولوا: أصبية ولا أغلمة استغنوا عنهما بصبية وغلمة، وجاء في الشعر أصيبية. وقال سيبويه: تصغير صبية أصيبية، وتصغير أصبية صبية وكلاهما على غير قياس.
ابن سيده: عندي أن صبية تصغير صبيّة وأصيبية تصغير أصبية، ليكون كل شيء منهما على بناء مكبره.
العواطل: التي لا نقط فيها. تماطل: تؤخر إنشادها. جثا: برك. ليث: أسد.
ريث: بطء وتأخير.
***
[السريع]
أعدد لحسّادك حدّ السّلاح ... وأورد الآمل ورد السّماح
وصارم اللهو ووصل المها ... وأعمل الكوم وسمر الرّماح
واسع لإدراك محلّ سما ... عماده لا لادّراع المراح
والله ما السؤدد حسو الطّلا ... ولا مراد الحمد رؤد رداح
واها لحرّ واسع صدره ... وهمّه ما سرّ أهل الصّلاح
مورده حلو لسؤّاله ... وما له ما سألوه مطاح
ما أسمع الآمل ردا ولا ... ما طله والمطل لؤم صراح
ولا أطاع اللهو لمّا دعا ... ولا كسا راحا له كأس راح
سوّده إصلاحه سرّه ... وردعه أهواءه والطّماح
وحصّل المدح له علمه ... ما مهر العور مهور الصّحاح
***
أورد الآمل، أي أعط الراجي. ورد السماح: ماء الكرم. صارم: قاطع. المها: