إنّ حماد عجرد ... إن رأى غفلة هجم
بين فخذيه حربة ... في غلاف من الأدم
إن خلا البيت ساعة ... تجمّع الميم بالقلم
فطرده الربيع.
واتخذ المهديّ قطربا لتأديب بعض ولده، وكان حماد يطمع في ذلك، فلم يتم له لتهتّكه وشهرته في الناس بما قال بشار، فلما تمكن قطرب من موضعه، صار حماد كالملغى، فجعل يقوم ويقعد قلقا، ثم دسّ إلى المهدي رقعة فيها: [البسيط]
قل للإمام جزاك الله صالحة ... لا تجمع الدهر بين السّخل والذّئب
السخل غرّ وهمّ الذئب فرصته ... والذئب يعلم ما في السّخل من طيب
فقال المهديّ: انظروا لا يكون هذا المؤدب لوطيا، ثم أخرجوه من الدار، فبعث الضجر حمادا حيث حرمه بشّار هذه المراتب إلى أن قال فيه: [الطويل]
لقد صار بشار بصيرا بدبره ... وناظره بين الأنام ضرير
له مقلة عمياء واست بصيرة ... إلى الأير من تحت الثياب تشير
على ودّه أن الحمير تنيكه ... وأنّ جميع العالمين حمير
وقال فيه: [الهزج]
ألا من مبلغ عنى ال ... ذي والده برد
إذا ما ذكر الناس ... فلا قبل ولا بعد
وأعمى يشبه القرد ... إذا ما عمي القرد
قال فيه: [الطويل]
دعيت إلى برد وأنت لغيره ... وهبك ابن برد نكت أمّك من برد
وكان عبد الصمد بن عبد الأعلى مؤدّب الوليد لوطيّا زنديقا، وكان سعيد بن عبد الرحمن بن حسان بن ثابت جميل الوجه شاعرا، فدخل على عبد الصمد فراوده في نفسه فسبّه، وخرج مغضبا، فدخل على هشام بن عبد الملك، وهو يقول: [الرمل]
إنّه والله لولا أنت لم ... ينج مني سالما عبد الصّمد
فقال هشام: ولم؟ قال: [الرمل]
إنه قد رام مني خطّة ... لم يرمها قبله مني أحد
قال: وما هي؟ قال: [الرمل]
رام جهلا بي وجهلا بأبي ... يدخل الأفعى إلى غيل الأسد