علاجها، فلما أيس رأى النبي صلى الله عليه وسلم في النّوم فشكا إليه علّته المزمنة، فقال له: عليك بلا ولا، فقصّ رؤياه على ابن سيرين، فقال له: إن صدقت رؤياك فإنه صلى الله عليه وسلم أمرك بتناول الزيتون، فتناولها الرجل فبرئ من علّته، فقال لابن سيرين: من أين قلتها؟
قال: من قوله تعالى: زَيْتُونَةٍ لا شَرْقِيَّةٍ وَلا غَرْبِيَّةٍ [النور: ٣٥]، المعنى من زيت شجرة مباركة زيتونة لا شرقية، أي ليست تطلع عليها الشمس أوّل النهار فقط، ولا غربيّة أي عند الغروب فقط، أي لا يسترها من الشمس في وقب من النهار شيء، فهو أنضر لها وأجود لزيتها، وقال صلى الله عليه وسلم: «كلوا الزيت وادّهنوا به فإنه يخرج من شجرة مباركة» (١).
قوله: هتف: صاح. قطرب: خفيف النوم، والقطرب: دويبة تمشي بالليل. وجنّية:
تبرك على الإنسان فيجد لها ثقلا، والعامة تبدل طاءها تاء، والعرب تسميها النّئدلان، والكابوس والجاثوم، ويسميها أهل بغداد البحت. دجية: ظلمة. دمية: صورة رخام، وجمعها دجى ودمى وكأنّ صورة هذا الغلام الذي ذكر الشاعر: [الطويل]
بدا فبدا من وجهه البدر طالعا ... لدى الروض يستعلي قضيبا منعّما
وقد أرسلت أيدي العذارى بخدّه ... عذارا من الكافور والمسك أسحما
وأحسب هاروتا أطاف بطرفه ... يعلّمه من سحره فتعلّما
ألم بنا في دامس الليل فانجلى ... فلما انثنى عنّا وودّع أظلما
والأبيات للأمير أبي الحسن أحمد بن عضد الدولة.
وقال أبو إسحاق الحصري مؤلف كتاب الزهر: [مجزوء الكامل]
عليل طرف سقيت خمرا ... من مقلتيه فمتّ سكرا
ترقرقت وجنتاه ماء ... مازج فيه العتيق درّا
يحرّك الدلّ منه غصنا ... ويطلع الحسن منه بدرا
قد نمّ مسك بعارضيه ... خلّف للعاشقين عذرا
قوله: الأخياف، أي المختلفة. وقوله: فأخذ القلم ورقم، كأنّ أبا إسحاق الحصري إيّاه عنى بهذه الأبيات: [البسيط]
إذا بدا القلم الأعلى براحته ... مطرّزا لرداء الفجر بالظّلم
رأيت أسود في الأبصار أبيض في ... بصائر لحظها للفهم غير عمي
كروضة خطرت في وشي زهرتها ... وافتر نوّارها عن ثغر مبتسم
(١) أخرجه الترمذي في الأطعمة باب ٤٣، وابن ماجة في الأطعمة باب ٤٣، والدارمي في الأطعمة باب ٢٠، وأحمد في المسند ٣/ ٤٩٧.