للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

غداة تثنّت للوداع وسلّمت ... بعينين موصول بجفنيهما السّحر (١)

توهّمتها ألوي بأجفانها الكرى ... كرى النّوم، أو مالت بأعطافها الخمر

وقال ذو الرّمة: [الطويل]

لها بشر مثل الحرير ومنطق ... رخيم الحواشي لا هراء ولا نزر (٢)

وعينان قال الله كونا فكانتا ... فعولان بالألباب ما تفعل الخمر

وقد تقدّم جملة من هذا.

غشيتني: أتتني على غفلة. شفّتني: أنحلت جسمي. والزّي: الهيئة الحسنة من اللباس. يشفّ: يفضل. تثنّ: اهتزاز وانعطاف. تظنّيت: حسبت. تجتبيني: تختارني.

بنفث: بلفظ وكلام. والجيب: القلب. يبغي: يطلب. تشفّي ضغني: إزالة عداوتي.

نزت: وثبت. تجنّبي: بعدي. ثنتني: ردّتني. نشيج: صوت البكاء. يشجي: يحزن.

بفنّ ففنّ: بنوع فنوع.

***

فلمّا نظر الشيخ إلى ما حبّره، وتصفّح ما زبره، قال له: بورك فيك من طلا، كما بورك في لا ولا. ثم هتف: اقرب، يا قطرب، فاقترب منه فتى يحكي نجم دجية، أو تمثال دمية، فقال له: ارقم الأبيات الأخياف، وتجنّب الخلاف، فأخذ القلم، ورقم: [مخلع البسيط]

اسمح فبثّ السّماح زين ... ولا تخب آملا تضيّف

ولا تجز ردّ ذي سؤال ... فنّن أم في السؤال خفّف

ولا تظنّ الدّهور تبقي ... مال ضنين ولو تقشّف

واحلم فجفن الكرام يغضي ... وصدرهم في العطاء نفنف

ولا تخن عهد ذي وداد ... ثبت ولا تبغ ما تزيّف

حبّره: زينه. زبره: كتبه. طلا: غزال. لا ولا، يعني الزيتون، ومن كلام العامة، بورك فيك كما بورك في الزّيت، وأراد بلا ولا قوله تعالى: يُوقَدُ مِنْ شجرة مُبارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لا شَرْقِيَّةٍ وَلا غَرْبِيَّةٍ [النور: ٣٥]، فأخذ من الآية لا ولا واكتفى بهما.

الفنجديهي: يحكى أن بعض الناس ظهرت به علة مزمنة شديدة أعيا الأطباء


(١) البيتان في ديوان البحتري ص ٨٤٤.
(٢) البيتان في ديوان ذي الرمة ص ٥٧٧، والبيت الأول في الخصائص ١/ ٢٩، ٣/ ٣٠٢، ولسان العرب (هرأ)، (نزر).

<<  <  ج: ص:  >  >>