وانظر إليه بعين ذي خطر ... مهذّب الرأي في طرائقه
فالمسك إذ ما تراه ممتهنا ... بفهر عطّاره وساحقه
سوف تراه بعارضي ملك ... وموضع التّاج من مفارقه
وقال ابن شماخ: [الطويل]
نوائب غالتني فأبدت فضائلي ... فكانت وكنت النّار والعنبر الورد
وعلى لسان عود الطيب: [المجتث]
إن مسّت النّار جسمي ... أبديت طيب نسيمي
كالدّهر إن عضّ يوما ... أبان فضل كريم
وسخط المتوكل على عليّ بن الجهم، فنفاه إلى خراسان، وكتب أن يصلب إذا وردها يوما إلى الليل، فلمّا وصل إلى الشاذياخ حبسه طاهر بن عبد الله، ثم أخرجه فصلبه إلى الليل مجرّدا فقال: [الكامل]
لم يصلبوا بالشاذياخ عشية الاثني ... ن مسبوقا ولا مجهولا
نصبوا بحمد الله ملء عيونهم ... شرفا وملء صدورهم تبجيلا
ما ازداد إلا رفعة وسعادة ... وازدادت الأعداء عنه نكولا
هل كان إلا الليث فارق غيله ... فرأيته في محمل محمولا
ما عابه أن بزّ عنه لباسه ... كالسّيف أفضل ما يرى مسلولا
وقال في الحبس: [الكامل]
قالت حبست فقلت ليس بضائر ... حبسي وأيّ مهنّد لا يغمد
أو ما رأيت اللّيث يألف غيله ... كبرا وأوباش السّباع تصيّد
فالشمس لولا أنها محجوبة ... عن ناظريك لما أضاء الفرقد
والنّار في أحجارها مخبوءة ... لا تصطلى إن لم تثرها الأزند
والحبس إن لم تغشه لدنية ... شنعاء نعم المنزل المتورّد
بيت يجدّد للكريم كرامة ... ويزار فيه ولا يزور ويحمد
لو لم يكن في الحبس إلا أنه ... لا تستذلك بالحجاب الأعبد
أخذ الأحوص أحد الأمراء بأمر الوليد بن عبد الملك لأنّه كان يراود غلمانه، فضربه مائة سوط وصبّ عليه الزيت، وأوقفه في الشمس، وهو مع ذلك يقول: [الكامل]
ما تعتريني من خطوب ملمة ... إلا تشرّفني وترفع شاني (١)
(١) الأبيات في ديوان الأحوص ص ٢٠٣.