فما زال نجم الكأس بيني وبينه ... يدور بأفلاك السعادة والسّعد
وله: [البسيط]
ورد الخدود ورمّان النهود وأغ ... صان القدود تصيد السّادة الصّيدا
من لي إذا ما رأيت الخصر مختصرا ... والرّدف مرتدفا والقدّ مقدودا
وكان يحيى السّرقسطيّ أديبا فرجع إلى الجزّارين، فأمر الحاجب بن هود أبا الفضل ابن حميد أن يوبّخه على ذلك فكتب إليه: [الوافر]
تركت الشّعر من عدم الإصابه ... وملت إلى الجزارة والقصابه
فأجابه يحيى: [الوافر]
تعيب عليّ مألوف القصابه ... ومن لم يدر قدر الشيء عابه
ولو أحكمت منها بعض فنّ ... لما استبدلت عنها بالحجابه
وإنّك لو طلعت عليّ يوما ... وحولي من بني كلب عصابه
لهالك ما رأيت وقلت هذا ... هزبر صيّر الأوضام غابه
فتكنا في بني العنزيّ فتكا ... أقرّ الذّعر فيهم والمهابة
ولم نقلع عن الثّوريّ حتّى ... مزجنا بالدّم القاني لعابه
ومن يعتزّ منهم بامتناع ... فإنّ إلى صوارمنا إيابه
ويبرز واحد منّا لألف ... فيغلبهم وتلك من الغرابه
وحقّك ما تركت الشّعر حتّى ... رأيت البخل قد أمضى شهابه
وحتّى زرت مشتاقا حميمي ... فأبدى لي التجهّم والكآبة
وظنّ زيارتي لطلاب شيء ... فأقصاني وأغلظ لي حجابه
قوله: ولم يبل: أصله يبالي، حذفت ياؤه للجزم، فصار يبال، فلما كثر استعماله صار بمنزلة ما لم يحذف منه شيء فقدّروا تكرير الجازم عليه مرة أخرى فحذفت حركة اللام للجزم، فسكنت اللّام، وقبلها ألف ساكنة فحذفت الألف لالتقاء الساكنين.
ولأبي عليّ في هذه المسألة عبارة استوحش منها أكثر العلماء، فمن مخطّئ ومن مصوّب، وتحقيقها غائب إلا عن أهل التحقيق، وقد أوضحناها في شرحنا لكتاب الإيضاح، والإكثار من مسائل الإعراب في كتب الآداب مما يستبرد ويعاب.
أعرض، أي نحى وجهه لجهة قاصاني: فارقني، وقال الفرّاء: كل شيء أبنته من شيء فقد قصّيته منه، وتقصّى الرجل من الرجل: بان عنه، وكلّ رجل باين شيئا فقد تقصّى عنه. الليث رحمه الله: كلّ شيء لازم خلّصته فقد تقصّى، وتقصّيت من الديون:
خرجت منها. فرسي رهان: هما اللذان يجريان ويجعل معهما جعل، فمن سبق أخذه.