ومما أستحسن من أبيات اللغز في هذا الباب قولهم في المشارط: [المتقارب]
وخضراء لا من بنات الهديل ... يلفّف بالسّير منقارها
كأنّ مشق عيون القطا ... إذا هنّ هوّمن آثارها
آخر: [البسيط]
وكان جدّي هراش في كتابته ... من أكتب الناس يا هارون بالألف
يعني آثار التشريط تبقى كصور الألفات.
وقال آخر: [مجزوء الرمل]
يا بن من يكتب في الأر ... قاب من غير دواة
لم يكن يكتب فيها ... غير خطّ الألفات
وقال ابن كناسة يخاطب إبراهيم بن سيابة: [المنسرح]
يا بن الذي عاش غير مضطهد ... يرحمه الله أيّما رجل
له رقاب الملوك خاضعة ... من بين حاف منهم ومنتعل
أبوك أو هى النّجاد كاهله ... كم من كميّ أدمى ومن بطل
يأخذ من ماله ومن دمه ... لم يمس من ثأره على وجل
في كفّه صارم يقلّبه ... يقدّ أعناق سادة نبل
وأخذ صاحب الشرطة رجلا في ريبة، فقال: أصلحك الله: احفظ فيّ الأبوّة، وقال: [الكامل]
أنا الذي لا تنزل الدهر قدره ... وإن نزلت يوما فسوف تعود
ترى الناس أفواجا إلى ضوء ناره ... فمنهم قيام حولها وقعود
فأمر بتركه، ثم أخبر أنّ أباه باقلانيّ، فقال: لو لم نتركه إلّا لأدبه وحسن تخلّصه من الكذب لكان فعلنا سدادا.
وكان بالمدينة فتى أبوه مغنّ وأمّه نائحة، فأغضبه إنسان، فقال: أتغضبني وأنا ابن الطّرب والحرب! .
وقال ابن عباس المصري يذكر غلاما جميلا، والحجام يأخذ من شعره في الحمام:
[مخلع البسيط]
مزين انبرى لظبي ... كأنه البدر في سجوفه
كأنّ موساه وهو لمّا ... نضى بها الشّعر في وقوفه
كيوان في كفّه حسام ... يخلّص البدر من كسوفه