ألا يا هند قد قضّيت حجّي ... فهات شرابك العطر العجيبا
فقد ذهبت ذنوبي بالليالي ... فقومي الآن نقترف الذّنوبا
خلطنا ماء زمزم في حشانا ... بماء المزن فامتزجا قريبا
وكان أبو القاسم المغربي قد نسك زمانا، ولبس الصّوف وترهّب وحجّ، فعشق غلاما تركيّا وهام به، وتقلّد الوزارة ببغداد وغيرها، وانتهى في الجاه إلى الغاية وتملّك الأحرار، واشترى الغلام التركيّ وقال: [الوافر]
تبدّل من مرقعة ونسك ... بأنواع الممسك والشّفوف
وعنّ له غلام ليس يحوي ... هواه ولا رضاه بلبس صوف
فعاد أشدّ ما كان انتهاكا ... كذاك الدهر مختلف الصّروف
وقال أيضا: [المنسرح]
يا أهل مصر قد عاد ناسككم ... بالكرخ بعد التّقى إلى الفتك
خمّش قلبي مقرطق غنج ... قد بدّ قلبي به من النّسك
رمى فؤادي بسهم مقلته ... وكيف يخطي مولد التّرك!
وقال كشاجم: [الطويل]
يقولون تب والكأس في كفّ شادن ... وصوت المثاني والمثالث عالي
فقلت لهم: لو كنت أزمعت توبة ... وأبصرت هذا كلّه لبدا لي
وقال الحسن: [الكامل]
كيف النّزوع عن الصّبا والكأس ... قل ذا لنا يا صاحبي بقياس
قالوا كبرت فقلت ما كبرت يدي ... عن أن تسير إلى فمي بالكأس
والرّاح طيّبة وليس تمامها ... إلا بطيب خلائق الجلّاس
وكأنّ شاربها لفرط شعاعها ... بالليل يكرع في سنا مقباس
وإذا نزعت من الغواية فليكن ... لله ذاك النّزع لا للنّاس
قوله: أضعت الوقار، يريد أنه ضيّع وقاره في مجلس اللهو، وقد تقدّم قوله:
وأصفى السرور إذا ما الوقور ... أماط ستور الحيا واطّرح
العقار: الخمر، لأنها عاقرت الدنّ، أي لازمته، أو لأنّها تعقر شاربها بثقل السّكر.
امتطيت: ركبت. مطا الكميت: ظهر الخمر، وورّى بفرس، أراد أنّه اعتكف على شربها، وسمّيت كميتا لأنها حمراء إلى الكمتة، وأبو مرة كنية إبليس، وقد تقدّم، وقال الحسن: [السريع]