أجتدي النّاس بعد ما ... كنت من قبل مجتدى
وترى بي خصاصة ... أتمنّى لها الرّدى
والبلاء الّذي به ... شمل أنسي تبدّدا
استباء ابنتي الّتي ... أسروها لتفتدى
فاستبن محنتي وم ... دّ إلى نصرتي يدا
وأجرني من الزما ... ن فقد جار واعتدى
وأعنّي على فكا ... ك ابنتي من يدي العدى
فبذا تنمحي المآ ... ثم عمّن تمرّدا
وبه تقبل الإنا ... بة ممّن تزهّدا
وهو كفّارة لمن ... زاغ من بعد ما اهتدى
ولئن قمت منشدا ... فلقد فهت مرشدا
فاقبل النّصح والهدا ... ية واشكر لمن هدى
واسمح الآن بالّذي ... يتسنّى لتحمدا
***
أجتدي: أسأل، خصاصة: فقر، الرّدى: الهلاك، شمل: مجتمع، تبدّد:
تفرّق، استباء ابنتي: أخذها أسيرة. استبن: تحقّق وتبين. محنتي: بليتي. جار واعتدى: مال وظلم، وفكّ الرقبة وفكاكها: تخليصها من أسر الرّق وكذلك الرهن، وفي الحديث «اعتق النّسمة وفكّ الرّقبة» (١) قيل أوليسا واحدا؟ قال: لا، عتق النسمة: أن تنفرد في عتقها، وفكّ الرقبة: أن تعين في عتقها، ابن عباس رضي الله عنهما قال النبي صلى الله عليه وسلم: «من فدى أسيرا من أيدي العدو، فأنا ذلك الأسير». تنمحي، أي تذهب، تمرّد: أكثر الفساد، الإنابة: الرجوع إلى الله تعالى، تزهّد: ترك الرّغبة في الدنيا زاغ: مال فهت: نطقت، مرشدا: دالا على الخير. اسمح: جد. يتسنّى:
يتيسر، الفنجديهي: كان ابن قطريّ قاضي ناحية المزار، بلد عند البصرة قد تاب من الشرب، ثم نقض التوبة، وعاد يشرب، ثم بعد المعاودة حضر مسجد بني حرام يوما بالبصرة، وتاب ورجع إلى الله تعالى بصدق النّية، وسأل عن كفارة ذنبه، وكان في المسجد رجل يزعم أنّه من أهل سروج، وله بنت مأسورة في أيدي الكفّار، فقال لابن قطري: كفارة ذنبك أن تتصدق عليّ بشيء أفكّها به فأعطاه عشرة دنانير، فلمّا أخذها منه دخل الحانة.
(١) أخرجه أحمد في المسند ٤/ ٢٩٩.