يلومونني إن بعت بالرّخص منزلي ... ولم يعلموا جارا هناك ينغّص
فقلت لهم كفّوا الملام فإنما ... بجيرانها تغلو الديار وترخص
غراء: ظاهرة حسنة. حاوية: جامعة. خلاصات: جمع خلاصة، وهو الذي يتخلّص من الشيء ويصفو منه، والزّبد: جمع زبدة اللبن. نقّحتها: هذّبتها. محض:
أخلص. اللبيب: العاقل. أخي الرّشد: صاحب الرّشد. الشّبل: ولد الأسد.
***
ثم قال: يا بنيّ، قد أوصيت واستقصيت، فإن اقتديت فواها لك، وإن اعتديت فآها منك، والله خليفتي عليك، وأرجو ألّا تخلف ظنّي فيك. فقال له ابنه: يا أبت لا وضع عرشك، ولا رفع نعشك، فلقد قلت سددا، وعلّمت رشدا، ونحلت ما لم ينحل والد ولدا، ولئن أمهلت بعدك- لا ذقت فقدك- فلأتأدّبنّ بآدابك الصّالحة، ولأقتدينّ بآثارك الواضحة؛ حتى يقال: ما أشبه اللّيلة بالبارحة والغادية بالرّائحة! فاهتزّ أبو زيد لجوا به وابتسم، وقال: من أشبه أباه فما ظلم.
قال الحارث بن همام: فأخبرت بأن بني ساسان، حين سمعوا هذي الوصايا الحسان، فضّلوها على وصايا لقمان، وحفظوها كما تحفظ أمّ القرآن؛ حتّى أنّهم ليرونها إلى الآن، أولى ما لقّنوه الصّبيان، وأنفع لهم من نحلة العقيان.
***
غرّاء: ظاهرة حسنة. حاوية: جامعة. خلاصات: جمع خلاصة وهو الذي يصفو منه، والزبد: جمع زبدة اللبن. اقتديت: اتّبعت وصيتي. واها: عجبا. اعتديت:
ظلمت. آها: كلمة معناها التوجّع. عرشك: سريرك، والمعنى أنه يدعو له بالبقاء.
سددا: صوابا. نحلت: أعطيت. الواضحة: البينة. الغادية: السحابة تأتي بالغدو.
والرّائحة بالعشيّ، قال الفراء النحويّ: من أشبه أباه فما ظلم مثل أخذه الناس من قول كعب بن زهير: [الطويل]
أنا ابن الذي لم يخزني في حياته ... قديما ومن يشبه أباه فما ظلم (١)
لقّنوه: علّموه. أولى: أحق. نحلة: عطية. العقيان: الذّهب.
(١) البيت في ديوان كعب بن زهير ص ٦٥، ومقاييس اللغة ٣/ ٤٦٨، وهو بلا نسبة في مقاييس اللغة ٣/ ٢٤٤.