للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقال: إن لله لوحا محفوظا يلحظه في كلّ يوم مائة لحظة، ليس منها لحظة إلا يحيي فيها ويميت، ويعزّ ويذلّ ويفعل ما يشاء، وإني لأرجو أن يكفيك الله منها بلحظة واحدة، فكتب بها الحجاج إلى عبد الملك.

وكتب ملك الروم إلى عبد الملك: أكلت الجمل الذي ركب عليه أبوك من المدينة لأغزينّك جنودا مائة ألف ومائة ألف، فكتب إليه عبد الملك بكلام عليّ فقال ملك الروم:

ما خرج هذا إلا من كلام النّبوة.

***

وكنت روّيت من الأخبار المسندة، والآثار المعتمدة، أنّ لكم من الله تعالى في كلّ يوم نظرة، وأنّ سلاح النّاس كلّهم الحديد، وسلاحكم الأدعية والتّوحيد، فقصدتكم أنضي الرّواحل، وأطوي المراحل؛ حتى قمت هذا المقام لديكم، ولا منّ لي عليكم؛ إذ ما سعيت إلّا في حاجتي، ولا تعبت إلّا لراحتي، ولست أبغي أعطيتكم، بل أستدعي أدعيتكم، ولا أسألكم أموالكم؛ بل أستنزل سؤالكم، فادعوا الله بتوفيقي للمتاب، والإعداد للمآب، فإنّه رفيع الدّرجات، مجيب الدعوات، وهو الذي يقبل التّوبة عن عباده ويعفو عن السيئات ثم أنشد: [الرجز]

استغفر الله من ذنوب ... أفرطت فيهنّ واعتديت

كم خضت بحر الضّلال جهلا ... ورحت في الغيّ واغتديت

وكم أطعت الهوى اغترارا ... واختلت واغتلت وافتريت

وكم خلعت العذار ركضا ... إلى المعاصي وما ونيت

وكم تناهيت في التخطّي ... إلى الخطايا وما انتهيت

فليتني كنت قبل هذا ... نسيا ولم أجن ما جنيت

فالموت للمجرمين خير ... من المساعي التي سعيت

يا ربّ عفوا فأنت أهل ... للعفو عنّي وإن عصيت

***

أنضى الرواحل: أهزل الإبل. أطوي المراحل: أقطع الأرض مجتهدا، وأردّ المرحلتين والثلاث مرحلة واحدة. منّ: إحسان. أبغي: أطلب. الأعطية والأدعية: اسم لما يعطى ولما يدعى. استنزل: أطلب بتلطّف. سؤالكم: طلبكم التوبة لي من الله تعالى. والمآب: الرجوع. يعفو: يمحو، وعفا الله عنك: درس ذنوبك ومحاها، من عفا المنزل: درس وانمحت آثاره. وقال ابن المعتز: [الخفيف]

<<  <  ج: ص:  >  >>